في النار ، ويرفعون أصواتهم بالويل والثبور ، ويلعن بعضهم بعضا.
ومنها : قال أبو صالح : يقال لأهل النار ـ وهم فيها ـ اخرجوا ، ويفتح لهم أبوابها ، فإذا رأوها وقد فتحت أبوابها أقبلوا إليها يريدون الخروج ، والمؤمنون ينظرون إليهم ، فإذا انتهوا إلى أبوابها غلقت دونهم ، فذلك سبب الضحك.
قوله : (عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) : الجار متعلق ب «ينظرون» ، و «ينظرون» : حال من «يضحكون» ، أي : يضحكون ناظرين إليهم ، وإلى ما هم فيه من الهوان.
قوله : (هَلْ ثُوِّبَ). يجوز أن تكون الجملة الاستفهامية معلقة للنظر قبلها ، فتكون في محل نصب بعد إسقاط الخافض ب «ينظرون».
وقيل : استئناف لا موضع له ، ويجوز أن يكون على إضمار القول ، أي : يقولون : هل ثوب ، ومعنى «ثوّب» أي : جوزي ، يقال : ثوّبه وأثابه.
قال : [الطويل]
٥١٣١ ـ سأجزيك أو يجزيك عنّي مثوّب |
|
وحسبك أن يثنى عليك وتحمدا (١) |
ويدغم أبو عمرو والكسائي وحمزة (٢) : لام «هل» في الثناء.
قوله : «ما كانوا» فيه حذف ، أي : ثواب ما كانوا ، أو موصول اسمي أو حرفي.
قال المبرد : «ثوب» فعل من الثواب ، وهو ما ثوب ، يرجع على فاعله جزاء ما عمله من خير ، أو شر ، والثّواب : يستعمل في المكافأة بالشّر.
وأنشد أبو عبيدة : [الوافر]
٥١٣٢ ـ ألا أبلغ أبا حسن رسولا |
|
فما لك لا يجيء إلى الثّواب (٣) |
وثوّب وأثاب بمعنى واحد ، والأولى أن يحمل على سبيل التّهكّم ، كقوله : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [الدخان : ٤٩] ، كأنه ـ تعالى ـ يقول للمؤمنين : هل جازينا هؤلاء الكفار على استهزائهم بطريقتكم كما جازيناكم على أعمالكم الصالحة ، فيكون هذا القول زائدا في سرورهم والله أعلم.
روى الثعلبي عن أبيّ بن كعب ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة «المطفّفين» سقاه الله من الرّحيق المختوم يوم القيامة» (٤).
__________________
(١) البيت لأوس بن حجر ، ينظر الكشاف ٤ / ٧٢٤ ، والبحر ٨ / ٤٣٥ ، والدر المصون ٦ / ٤٩٥.
(٢) ينظر : الحجة ٦ / ٤٨٩ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤٥٢ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٤٥٥ ، وقال ابن عطية : قال سيبويه : وذلك حسن وإن كان دون إدغام في الراء لتقاربهما في المخرج.
(٣) ينظر الفخر الرازي ٣١ / ١٠٣.
(٤) تقدم تخريجه.