وأنشد أبو عبيدة والمبرد والزّجاج قول قعنب : [البسيط]
٥١٣٤ ـ صمّ إذا سمعوا خيرا ذكرت به |
|
وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا (١) |
وقال آخر : [البسيط]
٥١٣٥ ـ إن يأذنوا ريبة طاروا بها فرحا |
|
وما هم أذنوا من صالح دفنوا (٢) |
وقال الجحاف بن حكيم : [الطويل]
٥١٣٦ ـ أذنت لكم لمّا سمعت هريركم |
|
.......... (٣) |
ومعنى الاستعارة ـ هاهنا ـ أنّه لم يوجد في جرم السماء ما يمنع من تأثير قدرة الله تعالى في شقها ، وتفريق أجزائها ، فكأنّها في قبول ذلك التأثير كالعبد الطائع الذي إذا ورد عليه الأمر من جهة المالك أنصت ، وأذعن ، ولم يمتنع كقوله تعالى : (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت : ١١] ، وذلك يدل على نفوذ القدرة في الإيجاد والإبداع من غير ممانعة أصلا. قاله ابن الخطيب (٤).
قوله : «وحقّت». الفاعل في الأصل هو الله تعالى ، أي : حقّ الله عليها ذلك ، أي : بسمعه وطاعته ، يقال : هو حقيق بكذا ومحقوق ، والمعنى : وحقّ لها أن تفعل.
قال الضحاك : «حقّت» أطاعت وحقّ لها أن تطيع (٥).
وقال ابن الخطيب (٦) : هو من قولك : محقوق بكذا وحقيق به ، وهي حقيقة بأن تنقاد ، ولا تمتنع.
قوله : (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ) مد الأديم.
وقيل : «مدّت» بمعنى : أمدت وزيد في سعتها وقال مقاتل رضي الله عنه : سويت كمدّ الأديم ، فلا يبقى فيها بناء ولا جبل ، كقوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ)(٧) [طه : ١٠] الآية.
__________________
(١) قائله قعنب ابن أم صاحب من شعراء عصر بني أمية ينظر ديوان الحماسة للتبريزي ٢ / ١٨٧ ، وسمط اللآلىء ١ / ٣٦٢ ، والاقتضاب في شرح أدب الكتاب : ص ٢٩٢ ، ومجاز القرآن ٢ / ٢٩١ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٥ / ٣٠٣ ، والطبري ٣٠ / ٧٢ ، واللسان (أذن).
(٢) تقدم.
(٣) صدر بيت وعجزه :
.......... |
|
فأسمعتموني بالخنا والفواحش |
ينظر الكشاف ٤ / ٧٢٥ ، والدر المصون ٦ / ٤٩٧.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ٩٤.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٠٥) عن الضحاك ومثله عن السدي ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٤٧) وعزاه إلى ابن المنذر.
(٦) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ٩٤.
(٧) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٤٦٣).