بنصرهم ، ومصيرهم إلى الظفر بعدوهم بعد الشدة التي تلقونها منهم كما قال تعالى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) [آل عمران : ١٨٦].
وقرأ عمر ـ رضي الله عنه (١) ـ : «ليركبنّ» بياء الغيبة وضم الباء على الإخبار عن الكفار.
وقرأ عمر ـ أيضا ـ وابن عباس (٢) ـ رضي الله عنهما ـ بالغيبة ، وفتح الباء ، أي : ليركبنّ الإنسان.
وقيل : ليركبنّ القمر أحوالا من إسرار والاستهلال.
وقرأ (٣) عبد الله وابن عباس : «لتركبنّ» بكسر حرف المضارعة ، وقد تقدم في «الفاتحة».
وقرأ بعضهم (٤) : بفتح المضارعة وكسر الباء ، على إسناد الفعل للنفس ، أي : لتركبن يا نفس.
قوله : «طبقا» : مفعول به أو حال.
والطبق قال الزمخشريّ (٥) : الطّبق : ما طابق غيره ، يقال : ما هذا بطبق كذا : أي : لا يطابقه ، ومنه قيل للغطاء : الطّبق ، وأطباق الثّرى ما تطابق منه ، ثم قيل للحال المطابقة لغيرها طبق ، ومنه قوله ـ عزوجل ـ : (طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) أي : حالا بعد حال ، كل واحدة مطابقة لأختها في الشدة والهول ، ويجوز أن يكون جمع طبقة ، وهي المرتبة ، من قولهم : هو على طبقات ، ومنه طبقات الظهر لفقاره ، الواحدة : طبقة على معنى : لتركبن أحوالا بعد أحوال ، هي طبقات في الشدة ، بعضها أرفع من بعض وهي الموت ، وما بعده من مواطن القيامة انتهى.
وقيل : المعنى : لتركبن هذه الأحوال أمّة بعد أمّة ؛ ومنه قول العباس فيه صلىاللهعليهوسلم : [المنسرح]
٥١٤٧ ـ تنقل من صالب إلى رحم |
|
وإذا مضى عالم بدا طبق (٦) |
فعلى هذا التفسير ، يكون «طبقا» حالا ، كأنه قيل : أمة بعد أمة.
وأما قول الأقرع : [البسيط]
٥١٤٨ ـ إنّي امرؤ قد حلبت الدّهر أشطره |
|
وساقني طبق منه إلى طبق (٧) |
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤٥٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٤٠ ، والدر المصون ٦ / ٤٩٩.
(٢) ينظر السابق.
(٣) السابق.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٤٤٠ ، والدر المصون ٦ / ٥٠٠.
(٥) الكشاف ٤ / ٧٢٨.
(٦) ينظر القرطبي ١٩ / ١٨٤ ، والبحر ٨ / ٤٤٠ ، والدر المصون ٦ / ٥٠٠.
(٧) ينظر القرطبي ١٩ / ١٨٤ ، والدر المصون ٦ / ٥٠٠ والبحر ٨ / ٤٣٧.