قال القفال (١) : يحتمل أن يكون المراد : اليوم الموعود لانشقاق السماء وبنائها ، وبطلان بروجها ، وقوله تعالى : «الموعود» أي : الموعود به.
وقال مكيّ : «الموعود» : نعت لليوم ، وثمّ ضمير محذوف به تتم الصفة ، تقديره : الموعود به ، ولو لا ذلك ما صحّت الصفة ؛ إذ لا ضمير يعود على الموصوف من صفته. انتهى.
وكأنه يعني أن اليوم موعود به غيره من الناس ، فلا بدّ من ضمير يرجع إليه ؛ لأنه موعود به ، وهذا لا يحتاج إليه ، إذ يجوز أن يكون قد تجوز بأن اليوم قد وعد بكذا ، فيصح ذلك ، ويكون فيه ضمير عائد عليه.
قوله : (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ). قال علي ، وابن عباس ، وابن عمر ، وأبو هريرة ـ رضي الله عنهم ـ : الشاهد : يوم الجمعة ، والمشهود : يوم عرفة (٢) ، وهو قول الحسن ، ورواه أبو هريرة مرفوعا ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «الموعود : يوم القيامة ، واليوم المشهود : يوم عرفة ، والشّاهد : يوم الجمعة». خرّجه الترمذي في «جامعه» (٣).
قال القشيري : فيوم الجمعة يشهد على عامله بما يعمل فيه.
قال القرطبيّ (٤) : وكذلك سائر الأيام والليالي ، لما روى أبو نعيم الحافظ عن معاوية ابن قرة عن معقل بن يسار عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ليس من يوم يأتي على العبد إلا ينادى فيه : يا ابن آدم أنا خلق جديد ، وأنا فيما تعمل عليك شهيد ، فاعمل فيّ خيرا أشهد لك فيه غدا ، فإنّي لو قد مضيت لم ترني أبدا ، ويقول اللّيل مثل ذلك» (٥). حديث غريب.
__________________
(١) ينظر الفخر الرازي ٣١ / ١٠٤.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٢٠) ، عن أبي هريرة وابن عباس وعلي بن أبي طالب وقتادة وابن زيد.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٥٢) ، عن ابن عباس وعزاه إلى ابن مردويه.
وذكره عن الحسن وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) أخرجه الترمذي (٣٣٣٩) ، والطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٢٠) ، من طريق موسى بن عبيدة عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة مرفوعا وقال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة وموسى بن عبيدة يضعف في الحديث ضعفه يحيى بن سعيد وغيره من قبل حفظه.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٥٢) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي.
(٤) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ١٨٧.
(٥) أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (٢ / ٣٠٣) ، وقال غريب وذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (٤٣١٦١) ، وعزاه إلى أبي القاسم حمزة بن يوسف السهمي في «كتاب آداب الدين» والرافعي عن معقل بن يسار.