أي : غنى رب غفور.
وقيل : بل هو من إضافة الموصوف إلى صفته ، فتتحد القراءتان ، ولكن البصريين لا يجيزون هذا لئلا يلزم إضافة الشيء إلى نفسه ، ويتأولون ما ورد.
ومعنى «مجيد» أي : متناه في الشرف والكرم والبركة.
وقيل : «مجيد» أي : غير مخلوق.
قوله : (فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) ، قرأ نافع (١) : برفع «محفوظ» : نعتا ل «قرآن».
والباقون : بالجر ؛ نعتا للوح.
والعامة : على فتح اللام ، وقرأ ابن السميفع (٢) وابن يعمر : بضمها.
قال الزمخشري (٣) : يعني : اللوح فوق السماء السابعة الذي فيه اللوح ، «محفوظ» من وصول الشياطين إليه.
وقال أبو الفضل : «اللّوح» : الهواء ، وتفسير الزمخشري بالمعنى ، وهو الذي أراده ابن خالويه.
قال القرطبي (٤) : (فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) أي : مكتوب في لوح ، وهو محفوظ عند الله ـ تعالى ـ من وصول الشياطين إليه.
وقيل : هو أم الكتاب ، ومنه انتسخ القرآن والكتب.
وقال بعض المتكلمين : «اللوح» شيء يلوح للملائكة فيقرءونه.
وفي «الصّحاح» (٥) : لاح الشيء يلوح لوحا ولواحا : عطش ، وكل عظم عريض ، واللوح : الذي يكتب فيه ، واللّوح : بالضم ، الهواء بين السماء والأرض. وأنشد دريد : [الرجز]
٥١٥٩ ـ عقاب لوح الجوّ أعلى متنا
قال ابن الخطيب (٦) : قال ـ هاهنا ـ : (فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) ، وقال في آية أخرى : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) ، فيحتمل أن يكون الكتاب المكنون ، هو اللوح المحفوظ ، ثم كونه محفوظا يحتمل أن يكون المراد : محفوظا عن أن يمسّه إلا المطهّرون ، ويحتمل أن يكون كونه محفوظا عن اطلاع الخلق عليه سوى الملائكة
__________________
(١) ينظر : السبعة ٦٧٨ ، والحجة ٦ / ٣٩٦ ، وإعراب القراءات ٤ / ٤٥٨ ، وحجة القراءات ٧٥٧.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٣٣ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٤٦٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٤٦ ، والدر المصون ٦ / ٥٠٥.
(٣) الكشاف ٤ / ٧٣٣.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ١٩٦.
(٥) ينظر الصحاح ١ / ٤٠٢.
(٦) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ١١٤.