وقوله : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ)، قال محمد بن الحسين : هو زحل.
وقال ابن زيد : هو الثّريّا ، وعنه ـ أيضا ـ : أنه زحل (١).
وعن ابن عباس : هو الجدي (٢) ، وعن عليّ بن أبي طالب والفرّاء : «النّجم الثّاقب» : نجم في السماء السابعة لا يسكنها غيره من النجوم ، فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء هبط ، فكان معها ، ثم يرجع إلى مكانه من السماء السابعة ، وهو زحل ، فهو طارق حين ينزل ، وحين يهبط (٣).
وفي «الصحاح» (٤) : «الطّارق : النجم الذي يقال له : كوكب الصبح».
ومنه قول هند : [الرجز]
٥١٦٢ ـ نحن بنات طارق |
|
نمشي على النمارق (٥) |
وقيل : هو اسم جنس ، فيدخل فيه سائر الكواكب ، وسمي ثاقبا ؛ لأنه يثقب الظّلام بضوئه ، أي : ينفذ فيه. أي يرمي الشيطان فيحرقه.
قال الماورديّ : وأصل الطرق : الدّق ، ومنه سميت المطرقة ، فسمي قاصد الليل : طارقا ، لاحتياجه في الوصول إلى الدق.
وروي أنّ أبا طالب أتى النبي صلىاللهعليهوسلم بخبز ولبن ، فبينما هو جالس يأكل إذ انحطّ نجم فامتلأت الأرض نورا ، ففزع أبو طالب ، وقال : أيّ شيء هذا؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذا نجم رمي به ، وإنّه من آيات الله» فعجب أبو طالب ، ونزلت السورة (٦).
وقال مجاهد : «الثاقب» : المتوهّج (٧).
قوله تعالى : (وَما أَدْراكَ) تفخيم لشأن هذا المقسم به.
قوله : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ). قد تقدم في سورة «هود» : التخفيف والتشديد في «لما» ، فمن خففها ـ هنا ـ كانت «إن» : مخففة من الثقيلة ، و «كل» : مبتدأ ، و «عليها» :
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٣٣) ، عن ابن زيد.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ٣).
(٣) ينظر المصدر السابق.
(٤) ينظر الصحاح ٤ / ١٥١٥.
(٥) نسب البيت إلى هند بنت عتبة ، وإلى هند بنت بياضة بن رباح بن طارق الإيادي ، ولهند بنت الفند الزماني ، وللقرشية.
ينظر أدب الكاتب ٩٠ ، والأغاني ١٢ / ٣٤٣ ، ١٥ / ١٤٧ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٩ ، واللسان (طرق) ، ومعجم ما استعجم ص ٧٠ ، وجمهرة اللغة ص ٧٥٦ ، ومغني اللبيب ٢ / ٣٨٧ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧١.
(٦) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٤٧٢) ، عن الكلبي ، والقرطبي (٢٠ / ٣).
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٣٣) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٦٠) ، وعزاه إلى عبد بن حميد عن مجاهد.