وحكى الفراء : أنّ مثل هذا يأتي عن العرب ، فيكون معنى من بين الصلب : من الصلب.
والمعنى من صلب الرجل وترائب المرأة ، ثم إنّا نعلم أن النطفة من جميع أجزاء البدن ، ولذلك يشبه الرجل والديه كثيرا ، وهذه الحكمة في غسل جميع الجسد من خروج المني ، وأيضا فالمكثر من الجماع يجد وجعا في صلبه وظهره ، وليس ذلك إلا لخلو صلبه عما كان محتبسا من الماء.
قال المهدويّ : من جعل المنيّ يخرج من بين صلب الرجل وترائبه ، فالضمير في «يخرج» للماء ، ومن جعله من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، فالضمير للإنسان.
قوله : (إِنَّهُ). الضمير للخالق المدلول عليه بقوله تعالى : (خُلِقَ) ؛ لأنه معلوم أن لا خالق سواه سبحانه.
قوله : (عَلى رَجْعِهِ) ، في الهاء وجهان :
أحدهما : أنه ضمير الإنسان أي على بعثه بعد موته ، وهو قول ابن عباس وقتادة والحسن وعكرمة (١) ، وهو اختيار الطبري (٢) ، لقوله تعالى : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ).
والثاني : أنه ضمير الماء ، أي : يرجع المنيّ في الإحليل أو الصلب (٣).
قاله الضحاك ومجاهد ، والأول قول الضحاك أيضا وعكرمة.
[وعن الضحاك أيضا أن المعنى أنه على رد الإنسان من الكبر إلى الشباب ، ومن الشباب إلى الكبر. حكاه المهدوي (٤).
وفي الماوردي والثعلبي : إلى الصّبا ومن الصّبا إلى النّطفة (٥).
وقال ابن زيد : إنه على حبس ذلك الماء حتى يخرج لقادر.
وقال الماوردي : يحتمل أنه على أن يعيده إلى الدنيا بعثه إلى الآخرة ؛ لأن الكفار يسألون فيها الرجعة ، والرجع مصدر رجعت الشيء أي : رددته](٦).
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٣٧) عن قتادة.
(٢) ينظر : جامع البيان ١٢ / ٥٣٧.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٣٦) ، عن مجاهد وعكرمة والضحاك.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٦١) ، عن مجاهد وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر. وذكره أيضا عن عكرمة وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٣٧).
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٣٧) ، عن ابن زيد.
(٦) سقط من : ب.