وقيل : المراد : ينقص ، كقوله : (إِذْ أَدْبَرَ) [المدثر : ٣٣] ، (إِذا عَسْعَسَ) [التكوير : ١٧].
و «يسر» : منصوب بمحذوف ، هو فعل القسم ، أي : أقسم به وقت سراه ، وحذف ياء «يسري» وقفا ، وأثبتها وصلا ، نافع وأبو عمرو ، وأثبتها في الحالين (١) ابن كثير ، وحذفها في الحالين الباقون لسقوطها في خط المصحف الكريم.
وإثباتها هو الأصل ؛ لأنها لام فعل مضارع مرفوع ، وحذفها لموافقة المصحف ، وموافقة رءوس الآي ، وجريا للفواصل مجرى القوافي.
ومن فرق بين حالتي الوقف والوصل ؛ فلأن الوقف محل استراحة.
قال الزمخشري (٢) : «وياء «يسري» تحذف في الدّرج اكتفاء عنها بالكسرة ، وأما في الوقف فتحذف مع الكسرة».
وهذه الأسماء كلها مجرورة بالقسم ، والجواب محذوف ، [تقديره :](٣) ليعذبن ، بدليل قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ) ، إلى قوله : (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) ، وقد تقدم الكلام على ذلك.
قوله : (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ).
قيل : «هل» على بابها من الاستفهام الذي معناه التقرير ، كقولك : ألم أنعم عليك إذا كنت قد أنعمت.
وقيل : المراد بذلك : التوحيد ، لما أقسم به وأقسم عليه ، والمعنى : بل في ذلك مقنع لذي حجر ، ومعنى «لذي حجر» : لذي لبّ وعقل ؛ قال الشاعر : [الطويل]
٥١٩٢ ـ وكيف يرجّى أن تتوب وإنّما |
|
يرجّى من الفتيان من كان ذا حجر (٤) |
وقال أبو مالك : «لذي حجر» : أي : لذي ستر من الناس.
وقال الحسن : لذي حلم.
قال الفراء : الكل يرجع إلى معنى واحد : لذي حجر ، ولذي عقل ، ولذي حلم ، ولذي ستر ، الكل بمعنى العقل.
وأصل الحجر : المنع ، يقال لمن ملك نفسه ومنعها إنه لذو حجر.
[ومنه سمي الحجر : المنع ، لامتناعه بصلابته ، ومنه : حجر الحاكم على فلان أي : منعه من التصرف ، ولذلك سميت الحجرة حجرة ، لامتناع ما فيها بها](٥).
__________________
(١) ينظر : الحجة ٦ / ٤٠٣ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤٧٦ ، وحجة القراءات ٧٦١.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٤٦.
(٣) في أ : وهو.
(٤) ينظر القرطبي ٢٠ / ٣٠.
(٥) سقط من ب.