وقال عطاء والضحاك : الشفع : عشر ذي الحجة ، والوتر : أيام منى الثلاثة (١).
وقيل : الشفع والوتر : آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان وترا ، فشفع بزوجته حواء ، رواه ابن أبي نجيح ، وحكاه القشيريّ عن ابن عباس [رضي الله عنهما. وفي رواية : الشفع آدم وحواء ، والوتر هو الله تعالى (٢).
وقيل : الشفع درجات الجنة ، وهي ثمان ، والوتر هي دركات النار ، وهي سبع ، كأنه أقسم بالجنة والنار. قاله الحسين بن الفضل.
وقيل : الشفع : الصفا والمروة ، والوتر : الكعبة.
وقال مقاتل بن حيان : الشفع الأيام والليالي ، والوتر الذي لا ليلة بعده ، وهو يوم القيامة(٣).
وقيل غير ذلك](٤).
قال ابن الخطيب (٥) : كل هذه الوجوه محتملة ، والظاهر لا شعار له بشيء من هذه الأشياء على التعيين ، فإن ثبت في شيء منها خبر عن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، أو إجماع من أهل التأويل ، حكم بأنه المراد ، وإن لم يثبت ، وجب أن يكون الكلام على طريقة الجواز ؛ لا على القطع ، ولقائل أن يقول : إني أحمل الكلام على الكل ؛ لأن الألف واللام في : «الشفع والوتر» يفيد العموم.
قوله : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) ، هذا قسم خامس ، بعد ما أقسم بالليالي العشر على الخصوص ، أقسم بالليل على العموم ، ومعنى «يسر» أي : يسرى فيه ، كما يقال : ليل نائم ، ونهار صائم ؛ قال : [الطويل]
٥١٩١ ـ لقد لمتنا يا أم غيلان في السّرى |
|
ونمت ، وما ليل المطيّ بنائم (٦) |
ومنه قوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا) [سبأ : ٣٣] ، وهذا قول أكثر أهل المعاني ، وهو قول القتبي والأخفش.
وقال أكثر المفسرين : معنى «يسر» : سار فذهب.
وقال قتادة وأبو العالية : جاء وأقبل (٧).
__________________
ـ وينظر تفسير الماوردي (٦ / ٢٦٦) والقرطبي (٢٠ / ٢٨).
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٦٢) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٨٢) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) ذكره الماوردي (٦ / ٢٦٦) والقرطبي (٢٠ / ٢٨).
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ٢٨).
(٤) سقط من ب.
(٥) الفخر الرازي ٣١ / ١٤٩.
(٦) تقدم.
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٦٤) عن قتادة بلفظ : سار وذكره السيوطي بهذا اللفظ في «الدر المنثور» (٦ / ٥٨٢) عن مجاهد وعزاه إلى الفريابي وعبد بن حميد والطبري وابن أبي حاتم.