العذاب الذي جاءها الطغوى ، لأنه طغى عليهم (١). قال ابن الخطيب (٢) : وهذا لا يبعد لأن الطغيان مجاوزة [الحد فسمي عذابهم طغوا لأنه كالصيحة مجاوزة](٣) للقدر المعتاد.
والثالث : أنها للسببية ، أي : بسبب طغيانها ، وهو خروجها عن الحدّ في العصيان قاله مجاهد وقتادة وغيرهما.
وقال محمد بن كعب : بأجمعها (٤).
وقيل : مصدر ، وخرج على هذا المخرج ، لأنه أشكل برءوس الآي.
وقيل : إن الأصل «بطغيانها» إلا أن «فعلى» إذا كانت من ذوات الياء أبدلت في الاسم واو ليفصل بين الاسم والوصف.
وقرأ العامة : «بطغواها» بفتح الطاء ، وهو مصدر بمعنى الطغيان ، وإنما قلبت الياء واوا لما تقدم ، من الفرق بين الاسم والصفة ، يعني أنهم يقرون ياء «فعلى» ـ بالفتح ـ صفة ، نحو جريا ، وصديا ، ويقلبونها في الاسم ، نحو «تقوى ، وشروى» ، وكان الإقرار في الوصف ، لأنه أثقل من الاسم والياء أخف من الواو ، فلذلك جعلت في الأثقل.
وقرأ الحسن ومحمد (٥) بن كعب والجحدري ، وحماد : بضم الطاء ، وهو أيضا مصدر ، كالرّجعى والحسنى ، إلا أن هذا شاذ ، إذ كان من حقه بقاء الياء على حالها ، كالسّقيا ، وبابها ، وهذا كله عند من يقول : «طغيت طغيانا» بالياء ، فأما من يقول : «طغوت» بالواو فالواو أصل عنده. قاله أبو البقاء (٦) ، وقد تقدم الكلام على اللغتين في البقرة.
قوله : (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها). يجوز في «إذ» وجهان :
أحدهما : أن تكون ظرفا ل «كذبت».
والثاني : أن تكون ظرفا للطغوى.
و «انبعثت» مطاوع بعثت فلانا على الأمر فانبعث له ، و «أشقاها» فاعل «انبعث» أي : نهض ، والانبعاث : الإسراع ، وفيه وجهان :
أحدهما : أن يراد به شخص معين ، روي أن اسمه : قدار بن سالف.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٠٥) عن ابن عباس وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠٢) وعزاه للطبري.
(٢) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ١٧٦.
(٣) سقط من : ب.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٠٥) عن محمد بن كعب وينظر تفسير الماوردي (٦ / ٢٨٥) والقرطبي (٢٠ / ٥٢).
(٥) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٦٠ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٤٩٨ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٧٥ ، والدر المصون ٦ / ٥٣٢.
(٦) ينظر : الإملاء ٢ / ٢٨٨.