والرجعى والمرجع والرجوع : مصادر ، يقال : رجع إليه رجوعا ومرجعا ورجعى ، على وزن «فعلى».
قوله : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى) تقدم الكلام على (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى).
وقال الزمخشري (١) هنا : فإن قلت : ما متعلق «أرأيت»؟.
قلت : «الّذي ينهى» مع الجملة الشرطية ، وهما في موضع المفعولين ، فإن قلت : فأين جواب الشرط؟.
قلت : هو محذوف تقديره : «إن كان على الهدى ، أو أمر بالتّقوى ، ألم يعلم بأنّ الله يرى» ، وإنما حذف لدلالة ذكره في جواب الشرط الثاني.
فإن قلت : كيف يصح أن يكون «ألم يعلم» جوابا للشرط؟.
قلت : كما صح في قولك : إن أكرمتك أتكرمني ، وإن أحسن إليك زيد هل تحسن إليه؟.
فإن قلت : فما أرأيت الثانية ، وتوسطها بين مفعول «أرأيت»؟ قلت : هي زائدة مكررة للتأكيد.
قال شهاب الدين (٢) : اعلم أن «أرأيت» لا يكون مفعولها الثاني إلا جملة استفهامية كقوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ) [الأنعام : ٤٧] ، ومثله كثير ، وهنا «أرأيت» ثلاث مرات ، وقد صرح بعد الثالثة منها بجملة استفهامية ، فيكون في موضع المفعول الثاني لها ، ومفعولها الأول محذوف ، وهو ضمير يعود على «الّذي ينهى عبدا» الواقع مفعولا ل «أرأيت» الأولى ، ومفعول «أرأيت» الأولى الذي هو الثاني محذوف ، وهو جملة استفهامية كالجملة الواقعة بعد «أرأيت» الثالثة ، وأما «أرأيت» الثانية ، فلم يذكر لها مفعول ، لا أول ، ولا ثان ، حذف الأول لدلالة المفعول من «أرأيت» الأولى عليه ، وحذف الثاني لدلالة مفعول «أرأيت» الثالث عليه ، فقد حذف الثاني من الأولى ، والأول من الثالثة ، والاثنان من الثانية ، وليس طلب كل من «أرأيت» للجملة الاسمية على سبيل التنازع ؛ لأنه يستدعي إضمارا. والجملة لا تضمر إنما تضمر المفردات ، وإنما ذلك من باب الحذف للدلالة وأما الكلام على الشرط مع «أرأيت» هذه ، فقد تقدم في «الأنعام» ، ويجوز الزمخشريّ وقوع جواب الشرط استفهاما بنفسه ، وهذا لا يجوز ، بل نصوا على وجوب ذكر الفاء في مثله ، وإن ورد شيء من ذلك فهو ضرورة.
قال القرطبيّ (٣) : وقيل : كل واحد من «أرأيت» بدل من الأول ، و (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) الخبر.
__________________
(١) الكشاف (٤ / ٧٧٨).
(٢) الدر المصون (٦ / ٥٤٦).
(٣) الجامع لأحكام القرآن (٢٠ / ٨٤).