أظهرها : أن يكون خبرا مقدما ، و «ثياب» مبتدأ مؤخر.
والثاني : أن «عاليهم» مبتدأ ، و «ثياب» مرفوع على جهة الفاعلية ، وإن لم يعتمد الوصف ، وهذا قول الأخفش.
والثالث : أن «عاليهم» منصوب ، وإنما سكن تخفيفا. قاله أبو البقاء.
وإذا كان منصوبا فسيأتي فيه أوجه ، وهي واردة هنا ، إلا أن تقدير الفتحة من المنقوص لا يجوز إلا في ضرورة أو شذوذ ، وهذه القراءة متواترة ، فلا ينبغي أن يقال به فيها ، وأما قراءة من نصب ، ففيه أوجه :
أحدها : أنه ظرف خبر مقدم ، و «ثياب» مبتدأ مؤخر ، كأنه قيل : فوقهم ثياب.
قال أبو البقاء : لأن عاليهم بمعنى فوقهم.
قال ابن عطية : يجوز في النصب أن يكون على الظرف ؛ لأنه بمعنى فوقهم.
قال أبو حيان (١) : وعال وعالية اسم فاعل فيحتاج في إثبات كونهما ظرفين إلى أن يكون منقولا من كلام العرب : «عاليك أو عاليتك ثوب».
قال شهاب الدين (٢) : قد وردت ألفاظه من صيغة أسماء الفاعلين ظروفا ، نحو خارج الدار ، وداخلها وظاهرها ، وباطنها ، تقول : جلست خارج الدّار ، وكذلك البواقي ، فكذلك هنا.
الثاني : أنه حال من الضمير في «عليهم».
الثالث : أنه حال من مفعول «حسبتهم».
الرابع : أنه حال من مضاف مقدر ، أي : رأيت أهل نعيم وملك كبير عاليهم ، ف «عاليهم» حال من «أهل» المقدر ، ذكر هذه الأوجه الثلاثة : الزمخشري ، فإنه قال : «وعاليهم» بالنصب على أنه حال من الضمير في «يطوف عليهم» أو في «حسبتهم» ، أي: يطوف عليهم ولدان عاليا للمطوف عليهم ثياب ، أو حسبتهم لؤلؤا عاليا لهم ثياب ، ويجوز أن يراد : رأيت أهل نعيم وملك عاليهم ثياب.
قال أبو حيان (٣) : أما أن يكون حالا من الضمير في «حسبتهم» ، فإنه لا يعني إلا ضمير المفعول ، وهو لا يعود إلا على «ولدان» ، وهذا لا يصح ؛ لأن الضمائر الآتية بعد ذلك تدل على أنها للمعطوف عليهم من قوله تعالى (وَحُلُّوا ، وَسَقاهُمْ) و (إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً) وفك الضمائر يجعل هذا كذا وذلك كذا مع عدم الاحتياج إلى ذلك ، والاضطرار إلى ذلك لا يجوز ، وأما جعله حالا من محذوف ، وتقديره : أهل نعيم ، فلا
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط : ٨ / ٣٩٩.
(٢) الدر المصون ٦ / ٤٤٧.
(٣) البحر المحيط ٨ / ٣٩٩.