حاجة إلى ادعاء الحذف مع صحة الكلام وبراعته دون تقدير ذلك المحذوف.
قال شهاب الدين (١) : جعل أحد الضمائر لشيء ، والآخر لشيء آخر لا يمنع صحة ذلك مع ما يميز عود كل واحد إلى ما يليق به ، وكذلك تقدير المحذوف غير ممنوع أيضا ، وإن كان الأحسن أن تتفق الضمائر وألّا يقدر محذوف ، والزمخشري إنما ذكر ذلك على سبيل التجويز لا على سبيل أنه مساو أو أولى ، فيرد عليه ما ذكره.
الخامس : أنه حال من مفعول «لقّاهم».
السادس : أنه حال من مفعول «جزاهم». ذكرهما مكي.
وعلى هذه الأوجه التي انتصب فيها على الحال يرتفع به «ثياب» على الفاعلية ، ولا يضر إضافته إلى معرفة في وقوعه حالا ؛ لأن الإضافة لفظية كقوله تعالى : (عارِضٌ مُمْطِرُنا) [الأحقاف : ٢٤] فأنّث «عارضا» ولم يؤنث عاليا لأن مرفوعه غير حقيقي التأنيث.
السابع : أن ينتصب «عاليهم» على الظرف ، ويرتفع «ثياب» به على جهة الفاعلية ، وهذا ماش على قول الأخفش والكوفيين حيث يعملون الظرف وعديله ، وإن لم يعتمد ، كما تقدم ذلك في الصفّ.
وإذا رفع «عاليهم» بالابتداء ، و «ثياب» على أنه فاعل به ، كان مفردا على بابه لوقوعه موقع الفعل ، وإذا جعل خبرا مقدما كان مفردا لا يراد به الجمع ، فيكون كقوله تعالى : (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ) [الأنعام : ٤٥] أي أدبار. قاله مكي.
وقرأ ابن مسعود (٢) وزيد بن علي : «عاليتهم» مؤنثا بالتاء مرفوعا.
والأعمش وأبان عن عاصم كذلك (٣) ، إلا أنه منصوب.
وقد عرف الرفع والنصب مما تقدم.
وقرأت عائشة (٤) ـ رضي الله عنها ـ «عليتهم» فعلا ماضيا متصلا بتاء التأنيث الساكنة ، و «ثياب» فاعل به ، وهي مقوية للأوجه المذكورة في رفع «ثياب» بالصفة في قراءة الباقين كما تقدم تفصيله.
وقرأ ابن سيرين (٥) ومجاهد ، وأبو حيوة ، وابن أبي عبلة وخلائق : جارا ومجرورا.
وإعرابه كإعراب «عاليهم» ظرفا في جواز كونه خبرا مقدما ، أو حالا مما تقدم وارتفاع «ثياب» به على التفصيل المذكور.
__________________
(١) الدر المصون ٦ / ٤٤٨.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤١٣ ، والدر المصون ٦ / ٤٤٨.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٩١ ، والدر المصون ٦ / ٤٤٨.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤١٤ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٩١ ، والدر المصون ٦ / ٤٤٨.
(٥) ينظر السابق.