قال الضحاك : لا يقدر الله ـ تعالى ـ في تلك الليلة إلا السلامة (١).
وقيل : هي ذات سلامة من أن يؤثر فيها شيطان في مؤمن ومؤمنة ، قاله مجاهد (٢).
وعلى التقديرين : يجوز أن يرتفع «سلام» على أنه خبر مقدم ، و «هي» مبتدأ مؤخر ، وهذا هو المشهور ، ويجوز أن يرتفع بالابتداء ، و «هي» فاعلة عند الأخفش ؛ لأنه لا يشترط الاعتماد على الوصف.
وقد تقدم أن بعضهم يجعل الكلام تاما على قوله : (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) ، وتعلق «كلّ أمر» بما بعده ، وتقدم تأويله.
وقال أبو الفضل : «وقيل : معناه هي سلام من كل أمر أو امرىء ؛ أي سالمة ، أو مسلمة منه ، ولا يجوز أن يكون «سلام» بهذه اللفظة الظّاهرة التي هي المصدر عاملا فيما قبله ، لامتناع تقدم معمول المصدر على المصدر ، كما أن الصفة كذلك لا يجوز تقديمها على الموصول» انتهى.
[وقد تقدم أن معنى ذلك عند هذا القائل أن يتعلق بمحذوف مدلول عليه ب «سلام» فهو تفسير معنى لا تفسير إعراب](٣).
وما يروى عن ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ أن الكلام تمّ عند قوله تعالى : «سلام» ويبتدىء ب «هي» على أنها خبر مبتدأ ، والإشارة بذلك إلى أنها ليلة السابع والعشرين ، لأن لفظه : هي سابعة وعشرون ، من كلم هذه السورة ، فلا ينبغي أن يعتقد صحته لأنه إلغاز وتغيير لنظم أفصح الكلام.
[قوله : (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) متعلق ب «تنزل» أو ب «سلام» وفيه إشكال للفصل بين المصدر والمعمول للمبتدأ ، إلا أن يتوسع في الجار].
وقرأ الكسائي وابن محيصن : «مطلع» بكسر اللام ، والباقون (٤) : بالفتح ، والفتح هو القياس ، والكسر سماع ، وله أخوات تحفظ فيها الكسر مما ضم مضارعه ، أو فتح ، نحو : المشرق ، والمغرب ، والمنسك ، والمسكن ، والمحشر ، والمسقط.
قال القرطبي (٥) : «حكي في ذلك كله الفتح والكسر».
وهل هما مصدران أو المفتوح مصدر ، والمكسور مكان؟ خلاف ، وعلى كل تقدير ، فالقياس في الفعل مطلقا مما ضمت عين مضارعه أو فتحت فتح العين ، وإنما يقع الفرق في المكسور العين الصحيح ، نحو : «يضرب».
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ٩١).
(٢) ينظر المصدر السابق.
(٣) سقط من : ب.
(٤) ينظر : السبعة ٦٩٣ ، والحجة ٦ / ٤٢٧ ، وإعراب القراءات (٢ / ٥١٠) ، وحجة القراءات ٧٦٨.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٩١.