ومنهم من قال : هو ابنه.
ومنهم من قال : هو ثالث ثلاثة وكذبوا فيما قالوا عن الله تعالى ، وأن الله سبحانه وتعالى واحد لا شريك له ، ولا ولد له ، ولا مثل ولا ضد له ، ولا ند له ، ولا شبيه له ، ولا صاحبة له ، ولا زوجة له ، ولا وزير له ، ولا حاجب له ، ولا بواب له ، وهو سبحانه وتعالى كما قال في كتابه المنزل على نبيه صلىاللهعليهوسلم : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).
وقيل : المشركون وصف لأهل الكتاب أيضا ، لأنهم لم ينتفعوا بكتابهم ، وتركوا التوحيد ، فالنصارى مثلثة ، وعامة اليهود مشبهة ، والكل شرك ، وهو كقولك : جاءني العقلاء والظرفاء ، وأنت تريد أقواما بعينهم تصفهم بالأمرين ، قال تعالى : (الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) [التوبة : ١١٢] ، وهذا وصف للطائفة الواحدة ، فالمعنى على هنا من أهل الكتاب المشركين.
[وقيل : أهل الكتاب كانوا مؤمنين ، ثم كفروا بعد أنبيائهم ، والمشركون ولدوا على الفطرة ، ثم كفروا حين بلغوا.
وقيل : الكفر هنا هو الكفر بمحمد صلىاللهعليهوسلم أي : لم يكن الذين كفروا بمحمد صلىاللهعليهوسلم من اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب ، ولم يكن المشركون الذين هم عبدة الأوثان من العرب وغيرهم ، وهم الذين ليس لهم كتاب منفكين.
قال القشيريّ : وفيه بعد ، لأن الظاهر من قوله تعالى : (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللهِ) أنّ هذا الرسول هو محمد صلىاللهعليهوسلم.
فيبعد أن يقال لم يكن الذين كفروا الآن بمحمد صلىاللهعليهوسلم منفكين ، حتى يأتيهم محمد رسول اللهصلىاللهعليهوسلم إلا أن يقال : أراد لم يكن الذين كفروا الآن بمحمد صلىاللهعليهوسلم وقد كانوا من قبل معظمين له منتهين عن هذا الكفر إلى أن يبعث الله تعالى لهم محمدا صلىاللهعليهوسلم ويبين لهم الآيات ، فحينئذ يؤمن قوم](١).
وقرأ الأعمش وإبراهيم (٢) : «والمشركون» رفعا عطفا على (الَّذِينَ كَفَرُوا).
قال القرطبيّ (٣) : «والقراءة الأولى أبين ، لأن الرفع يصير فيه الصنفان ، كأنهم من غير أهل الكتاب».
وفي حرف أبيّ (٤) : «فما كان الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركون منفكين».
قال ابن الخطيب : فإن قيل : لم قال الذين كفروا ، بلفظ الفعل ، وذكر المشركين
__________________
(١) سقط من : ب.
(٢) ينظر السابق.
(٣) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٩٦.
(٤) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٩٦.