وقرأ (١) الحسن والأعرج ، وقتادة ، وحماد بن سلمة ، ونصر بن عاصم ، وطلحة ، ويروى عن نافع : بفتحها.
قال الزمخشري (٢) : وهي قراءة رسول الله صلىاللهعليهوسلم مبنيا للفاعل.
قوله : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : من يعمل من الكفار مثقال ذرة خيرا يره في الدنيا ، ولا يثاب عليه في الآخرة ، ومن يعمل مثقال ذرة من شر عوقب عليه في الآخرة مع عقاب الشرك ، ومن يعمل مثقال ذرة من شر من المؤمنين يره في الدنيا ، ولا يعاقب عليه في الآخرة إذا مات ، ويتجاوز عنه ، وإن عمل مثقال ذرة من خير يقبل منه ، ويضاعف له في الآخرة (٣).
وفي بعض الحديث : «أن الذرة لا زنة لها» ، وهذا مثل ضربه الله تعالى أنه لا يغفل من عمل ابن آدم صغيرة ، ولا كبيرة ، وهو مثل قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) [النساء: ٤٠] وقد تقدم أن الذر لا وزن له.
وذكر بعض أهل اللغة : أن الذّرّ : أن يضرب الرّجل بيده على الأرض ، فما علق بها من التراب فهو الذّر ، وكذا قال ابن عباس : إذا وضعت يدك على الأرض ، ورفعتها ، فكل واحد مما لزق به من التراب ذرة (٤).
وقيل : الذر نملة صغيرة ، وأصغر ما تكون إذا مضى عليها حول.
قال امرؤ القيس : [الطويل]
٥٢٦٦ ـ من القاصرات الطّرف لو دبّ محول |
|
من الذّرّ فوق الإتب منها لأثّرا (٥) |
قال محمد بن كعب القرظي : فمن يعمل مثقال ذرة من خير من كافر ، يرى ثوابه في الدنيا ، في نفسه وماله وأهله ووطنه ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله خير ، ومن يعمل مثقال ذرة من شر من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في ماله ونفسه وأهله وولده ، حتى يخرج من الدنيا ، وليس له عند الله شر (٦) ، ودليله ما رواه أنس ـ رضي الله عنه ـ أن هذه الآية نزلت على النبي صلىاللهعليهوسلم [وأبو بكر يأكل فأمسك ، وقال : يا رسول الله](٧) ، وإنا لنرى ما عملنا من خير وشر؟ قال النبي : «يا أبا بكر ، ما رأيت في الدّنيا مما
__________________
(١) ينظر : إعراب القراءات ٢ / ٥١٦ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٥١١ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٩٨ ، والدر المصون ٦ / ٥٥٥.
(٢) الكشاف ٤ / ٧٨٤.
(٣) ينظر القرطبي (٢٠ / ١٠٢).
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ١٠٣).
(٥) تقدم.
(٦) ينظر القرطبي (٢٠ / ١٠٣).
(٧) سقط من أ.