التيهان من خبز شعير ، ولحم ، وبسر ، وماء عذب ، أتخاف علينا أن يكون هذا من النعيم الذي يسأل عنه؟.
قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ «إنما ذلك للكفّار» ، ثم قرأ : (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ)(١) [سبأ : ١٧] ؛ ولأن ظاهر الآية يدل على ذلك لأن الكفار ألهاهم التكاثر بالدنيا ، والتفاخر بلذاتها عن طاعة الله ، والاشتغال بذكر الله تعالى ، يسألهم عنها يوم القيامة ، حتى يظهر لهم أن الذي ظنوه لسعادتهم كان من أعظم الأسباب لشقاوتهم.
وقيل : السؤال عام في حق المؤمن ، والكافر لقوله صلىاللهعليهوسلم : «أوّل ما يسأل العبد يوم القيامة عن النّعيم ، فيقال له : ألم نصحح جسمك؟ ألم نروك من الماء البارد»؟.
وقيل : الزائد عما لا بد منه.
وقيل غير ذلك.
قال ابن الخطيب (٢) : والأولى على جميع النعيم ، لأن الألف واللام تفيد الاستغراق ، وليس صرف اللفظ إلى بعض أولى من غيرها إلى الباقي ، فيسأل عنها ، هل شكرها أم كفرها؟ وإذا قيل : هذا السؤال للكفار.
فقيل : السؤال في موقف الحساب.
وقيل : بعد دخول النار ، يقال لهم : إنّما حل بكم هذا العذاب لاشتغالكم في الدنيا بالنعيم عن العمل الذي ينجيكم ، ولو صرفتم عمركم إلى طاعة ربكم لكنتم اليوم من أهل النجاة. والله أعلم.
__________________
(١) ينظر تفسير الرازي (٣٢ / ٧٧).
(٢) ينظر : الفخر الرازي ٣٢ / ٧٨.