المشّاءون بالنّميمة المفسدون بين الأحبّة ، الباغون للبرآء العيب» (١).
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن الهمزة : القتّات ، واللّمزة : المغتاب ، والقتّات : هو النمام (٢) ، يقال : قتّ الحديث يقتّه : إذا زوره وهيّأه وسواه.
[وقيل : النّمام الذي يكون مع القوم يتحدثون لينمّ عليهم ، والقتّات الذي يتسمع على القوم وهم لا يعلمون ، ثم ينم ، والقتات الذي يسأل عن الأخبار ، ثم ينميها نقله ابن الأثير.
وقال أبو العالية ، والحسن ، ومجاهد ، وعطاء بن أبي رباح : الهمزة : الذي يغتاب ويطعن في وجه الرجل ، واللّمزة : الذي يعيب به من خلفه ، وهذا اختيار النحاس.
قال : ومنه قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) [التوبة : ٥٨].
وقال مقاتل هنا هذا القول : إن الهمزة : الذي يغتاب بالغيبة ، واللمزة الذي يغتاب في الوجه.
وقال قتادة ، ومجاهد : الهمزة : الطّعّان في أنسابهم ، وقال ابن زيد : الهامز : الذي يهمز الناس بيده ويضربهم ، واللامز : الذي يلمزهم بلسانه ويلمز بعينه].
وقال ابن كيسان : الهمزة : الذي يؤذي جلساءه بسوء اللفظ ، واللّمزة : الذي يكسر عينه على جليسه ، ويشير بعينه ، ورأسه ، وبحاجبيه.
وقرأ عبد الله بن مسعود ، وأبو وائل ، والنخعي ، والأعمش (٣) : «ويل للهمزة اللمزة».
وأصل الهمز : الكسر ، والعض على الشيء بعنف ، ومنه همز الحرف ، ويقال : همزت رأسه ، وهمزت الجوز بكفي : كسرته.
وقيل : أصل الهمز ، واللمز : الدفع والضرب لمزه يلمزه لمزا ، إذا ضربه ، ودفعه ، وكذلك همزه : أي : دفعه ، وضربه ؛ قال الراجز : [الرجز]
٥٣٠٣ ـ ومن همزنا عزّه تبركعا |
|
على استه زوبعة أو زوبعا (٤) |
__________________
(١) أخرجه أحمد (٦ / ٤٥٩) ، من حديث أسماء بنت يزيد وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٨ / ٩٦) ، وقال : رواه أحمد وفيه شهر بن حوشب وقد وثقه غير واحد وبقية رجال أحمد أسانيده رجال الصحيح.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٨٧).
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٥٢١ ، والقرطبي ٢٠ / ١٢٥.
(٤) ينظر ديوان رؤبة ص ٩٣ ، وسمط اللآلىء ١ / ٣٢١ ، والأمالي للقالي ١ / ١٣٧ ، واللسان (همز) ، والقرطبي ٢٠ / ١٢٥.