قال عكرمة : [كانت ترميهم بحجارة معها](١) ، فإذا أصاب أحدهم حجر منها خرج به الجدري لم ير قبل ذلك اليوم (٢).
وقال ابن عبّاس رضي الله عنه : كان الحجر إذا وقع على أحدهم نفط جلده ، وكان ذلك أول الجدري (٣).
قال يونس وأبو عبيدة : والسجيل عند العرب : الشديد الصلب.
قال بعض المفسرين : إنهما كلمتان بالفارسية جعلتهما العرب كلمة واحدة ، وإنهما : سجّ وجيل ، فالسجّ : الحجر ، والجيل : الطّين ، أي من هذين الجنسين : الحجر والطين.
قال أبو إسحاق : وحدثني يعقوب بن عتبة أنه قال : أول ما دامت الحصبة بأرض العرب ذلك وإنه أول ما رأى بها مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعشار ذلك العام.
قوله : (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ). «كعصف» هو المفعول الثاني للجعل ، بمعنى التصيير ، وفيه مبالغة حسنة ، وهو أنه لم يكفهم أن جعلهم أهون شيء من الزّرع ، وهو ما لا يجدي طائلا ، حتى جعلهم رجيعا.
والمعنى : جعل الله تعالى أصحاب الفيل كورق الزروع إذا أكله الدواب ، فرمت به من أسفل قاله ابن زيد وغيره ، والعصف جمع واحده عصفة وعصافة ، وأدخل الكاف في «كعصف» للتشبيه مع مثل قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] ومعنى مأكول أن المراد به قشر البرّ يعني الغلاف الذي يكون فيه حبة القمح يروى أن الحجر كان يقع على أحدهم فيخرج كل ما في جوفه فيبقى كقشر الحنطة إذا خرجت منه الحبة شبّه تقطّع أوصالهم بتفرّق أجزائه ، روي معناه عن ابن زيد (٤) ، وغيره.
قال ابن إسحاق : لما رد الله الحبشة عن «مكة» ، عظمت العرب قريشا ، وقالوا : أهل الله قاتل عنهم ، وكفاهم مئونة عدوهم ، فكان ذلك نعمة من الله عليهم.
روى الثّعلبي عن أبيّ ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة (الْفِيلِ) عافاه الله تعالى أيام حياته من المسخ ، والعدوّ» (٥). والله أعلم.
__________________
(١) سقط من : أ.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ١٣٤).
(٣) ينظر المصدر السابق.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٩٩).
(٥) تقدم تخريجه.