والباقون : «لإيلاف» بياء قبلها ، وأجمع الكل على إثبات الياء في الثاني ، وهو «إيلافهم». ومن غريب ما اتفق في هذين الحرفين : أن القراء اختلفوا في سقوط الياء وثبوتها في الأول مع اتفاق المصاحف على إثباتها خطّا ، واتفقوا على إثبات الياء في الثاني مع اتفاق المصاحف على سقوطها فيه خطّا ، وهذا دليل على أن القراء يتبعون الأثر والرواية ، لا مجرد الخط.
فأما قراءة ابن عامر ففيها وجهان :
أحدهما : أنه مصدر ل «ألف» ثلاثيا ، يقال : ألف الرجل ، إلفا ، وإلافا ؛ نحو : كتبته كتابا ، ويقال : ألفته إلفا وإلافا.
وقد جمع الشاعر بينهما في قوله : [الوافر]
٥٣١٣ ـ زعمتم أنّ إخوتكم قريش |
|
لهم إلف وليس لكم إلاف (١) |
والثاني : أنه مصدر «آلف» رباعيا نحو قاتل قتالا. وقال الزمخشري : لمؤالفة قريش. وأما قراءة الباقين فمصدر آلف رباعيا بزنة «أكرم» يقال : آلفته ، أولفه إيلافا.
قال الشاعر : [الطويل]
٥٣١٤ ـ من المؤلفات الرّمل أدماء حرّة |
|
شعاع الضّحى في متنها يتوضّح (٢) |
وقرأ عاصم (٣) في رواية : «إئلافهم» بهمزتين ، الأولى مكسورة ، والثانية ساكنة ، وهي شاذة ؛ لأنه يجب في مثله إبدال الثانية حرفا مجانسا ك «إيمان».
وروي عنه أيضا : بهمزتين مكسورتين ، بعدهما ياء ساكنة.
وخرجت على أنه أشبع كسر همزة الثانية ، فتولد منها ياء ، وهذه أشدّ من الأولى.
ونقل أبو البقاء أشد منها ، فقال (٤) : «بهمزة مكسورة بعدها ياء ساكنة ، بعدها همزة مكسورة». وهو بعيد ، ووجهه : أنه أشبع الكسرة ، فنشأت الياء ، وقصد بذلك الفصل بين الهمزتين كالألف في «أأنذرتهم».
وقرأ أبو جعفر : «لإلف قريش» بهمزة مكسورة ، بزنة : «قرد» ، وقد تقدم أنه مصدر ل «ألف» كقوله : [الوافر]
٥٣١٥ ـ ........... |
|
لهم إلف وليس لكم إلاف (٥) |
__________________
(١) البيت لمساور بن هند ، ينظر ديوان الحماسة للتبريزي ٢ / ١٨٦ ، والكشاف ٤ / ٨٠١ ، ومجمع البيان ١٠ / ٨٢٨ ، واللسان (ألف) ، والقرطبي ٢٠ / ١٣٨ ، والبحر ٨ / ٥١٥ ، والدر المصون ٦ / ٥٧١.
(٢) البيت لذي الرمة ينظر ديوانه (١١١) ، ومجمع البيان ١٠ / ٨٢٨ ، واللسان (ألف) ، والبحر ٨ / ٥١٤ ، والدر المصون ٦ / ٥٧٦.
(٣) ينظر : هذه القراءات في المصادر السابقة.
(٤) ينظر : الإملاء ٢ / ٢٩٥.
(٥) تقدم.