وخرج الحافظ عبد الغني بن سعيد عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ «صلّى النبيّصلىاللهعليهوسلم بأصحابه في صلاة الفجر في سفر ، فقرأ : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ثم قال صلىاللهعليهوسلم : «قرأت عليكم ثلث القرآن وربعه» (١).
[وروى جبير بن مطعم أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أتحبّ يا جبير إذا خرجت سفرا أن تكون من أمثل أصحابك هيئة ، وأكثرهم زادا»؟ قلت : نعم ، قال : فاقرأ هذه السّور الخمس من أول: (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) إلى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ، وافتتح قراءتك ب «بسم الله الرحمن الرّحيم».
قال :](٢) فوالله ، لقد كنت غير كثير المال ، إذا سافرت أكون أبذّهم هيئة ، وأقلهم مالا ، فمذ قرأتهنّ صرت من أحسنهم هيئة ، وأكثرهم زادا ، حتى أرجع من سفري ذلك (٣).
قال ابن الخطيب (٤) : والوجه في أنها تعدل ربع القرآن ، هو أن القرآن يشتمل على الأمر بالمأمورات ، والنهي عن المحظورات ، وكل واحد منها ينقسم إلى ما يتعلق بالقلوب وإلى ما يتعلق بالجوارح ، وهذه السورة مشتملة على النهي عن المحرمات المتعلقة بأفعال القلوب ، فيكون ربع القرآن.
وخرج ابن الأنباري عن نوفل بن فروة الأشجعي ، قال : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : أوصني ، قال : «اقرأ عند منامك : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) فإنّها براءة من الشّرك» (٥).
وقال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : ليس في القرآن أشدّ غيظا لإبليس ـ لعنه الله ـ من هذه السورة ؛ لأنها توحيد ، وبراءة من الشرك (٦).
وقال الأصمعي : كان يقال ل (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) : المقشقشتان ، أي : أنهما تبرئان من النفاق.
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٩٣) ، وعزاه إلى ابن الضريس والحاكم في «الكنى» وابن مردويه عن ابن عمر.
(٢) سقط من : أ.
(٣) أخرجه أبو يعلى (١٣ / ٤١٤) ، رقم (٧٤١٩) ، من حديث جبير بن مطعم وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١٠ / ١٣٣ ـ ١٣٤) ، وقال : رواه أبو يعلى وفيه من لم أعرفهم.
وذكره ابن حجر في «المطالب العالية (٣ / ٣٩٨) ، رقم (٣٨٠٩).
(٤) ينظر الفخر الرازي ٣٢ / ١٢٧.
(٥) أخرجه أبو داود (٥٠٥٥) ، والترمذي (٣٩٠٣) ، والدارمي (٢ / ٥٣٨) ، وأحمد (٥ / ٤٥٦) ، والحاكم (١ / ٥٦٥) ، وابن حبان (٢٣٦٣ ـ موارد) ، عن فروة بن نوفل عن أبيه ، وصححه الحاكم.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٩٤) ، وزاد نسبته إلى ابن الأنباري في المصاحف وابن أبي شيبة والبيهقي في الشعب.
(٦) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ١٥٣).