قال الشاعر : [مخلع البسيط]
٥٣٤٢ ـ لمّا أكبّت يد الرّزايا |
|
عليه نادى ألّا مجير (١) |
وقال ابن الخطيب (٢) : وعبر باليدين ، إما لأنه كان يرمي النبي صلىاللهعليهوسلم بالحجارة ، وقيل : المراد دينه ، ودنياه وأولاده ، وعقباه ، أو المراد بأحدهما جر المنفعة ، وبالأخرى : دفع المضرة ، أو لأن اليمين سلاح ، والأخرى جنّة.
وقيل : بمعنى ماله ، وبنيه ، «وتبّ» هو نفسه وقيل : «تبّ» يعني ولده وعقبه ، وهو الذي دعا عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «اللهمّ سلّط عليه كلبا من كلابك» لشدة عداوته ، فافترسه الأسد.
وقرأ العامة : «لهب» بفتح الهاء ، وابن كثير (٣) : بإسكانها.
فقيل : هما لغتان بمعنى نحو : النّهر والنّهر ، والشّعر والشّعر ، والبعر والبعر ، والضّجر والضّجر.
وقال الزمخشري (٤) : «وهو من تغيير الأعلام ، كقوله : شمس بن مالك ، بالضم» ، يعني أن الأصل : بفتح الشين فغيرت إلى الضم.
ويشير بذلك لقول الشاعر : [الطويل]
٥٣٤٣ ـ وإنّي لمهد من ثنائي فعاهد |
|
به لابن عمّ الصّدق شمس بن مالك (٥) |
وجوز أبو حيان (٦) في «شمس» أن يكون منقولا من «شمس» الجمع ، كما جاء «أذناب خيل شمس» ، فلا يكون من التغيير في شيء.
وكني بذلك أبو لهب : إما لالتهاب وجنتيه ، وكان مشرق الوجه ، أحمره ، وإما لما يئول إليه من لهب جهنم ، كقولهم : أبو الخير ، وأبو الشر ، لصدورهما منه ، وإما لأن الكنية أغلب من الاسم ، أو لأنها أنقص منه ، ولذلك ذكر الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ بأسمائهم دون كناهم ، أو لقبح اسمه ؛ لأن اسمه عبد العزّى ، فعدل عنه إلى الكنية ؛ لأن الله لم يضف العبودية في كتابه إلى صنم.
وقيل : اسمه أبو لهب ، كما سمي أبو سفيان ، وأبو طالب.
__________________
(١) ينظر : القرطبي ٢٠ / ١٦١.
(٢) ينظر : الفخر الرازي ٣٢ / ١٥٣.
(٣) ينظر : السبعة ٧٠٠ ، والحجة ٦ / ٤٥١ ، وإعراب القراءات ٢ / ٥٤٢ ، وحجة القراءات ٦٧٦.
(٤) ينظر : الكشاف ٤ / ٨١٤.
(٥) البيت لتأبط شرّا ؛ ينظر ديوان الحماسة ١ / ٣١ ، والخزانة ١ / ٢٠٠ ، والبحر ٨ / ٥٢٥ ، والدر المصون ٦ / ٥٨٥.
(٦) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٥٢٧.