ومن المعلوم (١) أنّ النصف المشاع بالمعنى المذكور (٢) يصدق على نصفه المختصّ ، فقد (٣) ملّك كليّا يملك مصداقه. فهو كما (٤) لو باع كلّيّا سلفا ، مع كونه مأذونا في بيع ذلك من غيره أيضا ، لكنّه (٥) لم يقصد إلّا مدلول اللفظ من غير ملاحظة وقوعه
______________________________________________________
(١) هذا متمّم الرد على القول باشتراك الوكيل أو الولي في البيع.
(٢) وهو النصف المشاع في المجموع ، لا النصف المشاع في الحصتين. وصدق كلّي النصف المشاع على النصف المختص بالبائع وقابليته للانطباق عليه كاف في كون المبيع تمام حصته ، لصدق نصف الدار عليه. وقد مرّ سابقا أنّه الحقّ.
(٣) هذا تفريع على صدق الكلّي ـ وهو النصف المشاع ـ على النصف المختص به ، يعني : أنّ مجرد الصدق والقابليّة كاف في تمليك الكلي المنطبق على حصة البائع ، فإنّ مالك الكلي مالك لمصداقه ، وتعيينه فيه.
(٤) غرضه الاستشهاد للمقام ، بما يقال في السّلف ، ومحصله : أنّه لو أراد بيع عشرين منّا من الحنطة سلما بمائة دينار لنفسه ، ووكّله شخص في بيع هذا المقدار بنفس العوض ، ثم أنشأ البيع من دون إضافة المبيع إلى ذمة نفسه أو عهدة موكّله. كما أنّه لم يقصد أحد الأمرين ، بل اقتصر على قوله للمشتري : «أسلمت إليك عشرين منّا من الحنطة بكذا» فالمبيع الكلّي قابل للانطباق على ما في عهدة نفسه وما في عهدة موكّله. فيحكم بوقوع البيع لنفسه ، لكونه مالكا لما في ذمته ، وأنّ وقوعه للموكّل متوقف على مئونة زائدة وهي إضافة العقد في الإنشاء إليه أو قصده.
وقد نبّه صاحب المقابس على هذا في مسألة اعتبار القصد من لزوم تعيين من يقع له البيع أو الشراء ، وأنّه ينعقد لنفسه أو لغيره من موكّل أو مولّى عليه ، فراجع (١).
وكيف كان فهذا الفرع شاهد على كفاية انطباق كلّيّ «النصف» على خصوص حصة البائع في العين الخارجية المشتركة.
(٥) أي : بائع الكلي سلفا لم يقصد إلّا مدلول بيع الكلي ـ كعشرين منّا من الحنطة ـ من دون إضافته إلى نفسه أو موكّله ، فإنّ الظاهر الناشئ من الانصراف وغيره وقوعه لنفسه ، فإنّ البيع عن الغير في غير العين الشخصية الخارجية منوط بقصد الغير.
__________________
(١) هدى الطالب ، ج ٤ ، ص ١٠٤ ـ ١٠٧.