ويظهر ممّا ذكرنا (١) حكم الرجوع في العقد الجائز ، كالهبة.
وخالف في ذلك (٢) كلّه جامع المقاصد ، فحكم بثبوت الخيار والردّ بالعيب تبعا للدروس (٣) ، قال (٤) «لأنّ العقد لا يخرج
______________________________________________________
(١) أي : يظهر من عدم الخيار ـ للكافر وللمشتري ـ حكم الرجوع في العقد الجائز ، وهو عدم جواز الرجوع. فإذا وهب الكافر عبده المسلم لمسلم ، ثم رجع عن الهبة. لم يصحّ له الرجوع ، لا لعدم قابلية الهبة للرجوع ، بل لعدم قابلية الكافر لأن يرجع العبد المسلم إلى ملكه.
(٢) أي : في عدم الخيار للكافر والمشتري ، وفي عدم جواز رجوع الكافر إلى عبده المسلم إذا وهبه لمسلم هبة جائزة.
وهذا في قبال ما تقدّم أوّلا من المصنف من سقوط جميع الخيارات ، سواء أكان الخيار أصليّا كخياري المجلس والحيوان ، أم جعليّا بجعل المتعاقدين كخيار الشرط ، وسواء نشأ من دليل نفي الضرر ، أم من تخلّف الشرط الضمني.
وفي قبال ما تقدم من التفصيلين.
فالغرض هنا التعرض لقولين آخرين :
أحدهما : مختار الشهيد والمحقق الثاني قدسسرهما من جريان كافة الخيارات ، وجواز الرجوع في الهبة.
وثانيهما : سقوط الخيارات بالنسبة إلى العين ، فلا يجوز للكافر استرداد العبد المسلم بالفسخ في العقد اللازم ، وبالرجوع في العقد الجائز ، وبقاء حقه الفسخ في القيمة ، كما سيظهر.
(٣) قال الشهيد قدسسره : «ولو أسلم عبد الكافر بيع عليه قهرا بثمن المثل .. ويجري فيه أحكام العقد من الخيار والرّد بالعيب فيه أو في ثمنه المعيّن ، فيقهر على بيعه ثانيا» (١).
(٤) أي : قال المحقق الثاني في جامع المقاصد ، ومحصل ما أفاده من التعليل لثبوت الخيار : أنّ العقد لا يخرج عن مقتضاه ، وهو جواز الرد بالعيب ، ولا نرفع اليد عن هذا
__________________
(١) الدروس الشرعية ، ج ٣ ، ص ١٩٩.