وأمّا في زمان الغيبة ، ففي عدم جواز التصرّف إلّا فيما أعطاه السلطان الذي حلّ قبول الخراج والمقاسمة منه.
______________________________________________________
ومقتضى ولايته عدم جواز التصرف فيها إلّا بإذنه.
والظاهر أنّ إطلاق كلام الشيخ في التهذيب ـ في المنع عن التصرف ـ محمول على صورة عدم إذن الامام عليهالسلام مع حضوره والتمكن من استيذانه. وأمّا في زمان الغيبة ، ففي التصرف فيه وجوه خمسة :
أحدها : عدم جوازه إلّا في الأرض التي أعطاها السلطان الذي حلّ قبول الخراج والمقاسمة منه ، وهو السلطان المخالف المدّعي للخلافة ، كما ذهب إليه ـ في مسألة ما يأخذه السلطان المستحل لأخذ الخراج والمقاسمة ـ بقوله : «والحاصل : أنّ أخذ الخراج والمقاسمة لشبهة الاستحقاق في كلام الأصحاب ليس إلّا الجائر المخالف» (١).
وقال في جواز أخذ الخراج منه بعد الاستدلال بصحيحة الحذاء : «والمراد بالحلال هو الحلال بالنسبة إلى من ينتقل إليه ، وإن كان حراما بالنسبة إلى الجائر الآخذ له» (٢).
وكيف كان فهذا الوجه الأوّل حكاه صاحب الجواهر عن المحقق الثاني ، وهو قوله : «ولو لم يكن عليها ـ أي على الأرض ـ يد لأحد فقضية كلام الأصحاب توقف جواز التصرف فيهما على إذنه ، حيث حكموا بأنّ المقاسمة والخراج منوط برأيه ، وهما كالعوض عن التصرف ، وإذا كان العوض منوطا برأيه كان المعوّض كذلك» (٣).
ويدلّ على هذا القول النصوص المستفيضة الواردة في أحكام تقبّل الأرض الخراجية ، التي يستفاد منها كون أصل التقبّل من السلطان مفروغا عنه ومسلّم الجواز عندهم ، كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : «لا بأس أن يتقبل الرجل الأرض وأهلها من السلطان ..» (٤).
__________________
(١) كتاب المكاسب ، ج ٢ ، ص ٢٣٠ ، طبعة مجمع الفكر الإسلامي.
(٢) المصدر ، ص ٢٠٤.
(٣) جواهر الكلام ، ج ٢١ ، ص ١٦٤ ، نقله عن فوائد الشرائع للمحقق الثاني ، وحكاه عنه سيدنا الأستاذ قدسسره في نهج الفقاهة ، ص ٣٣٦.
(٤) وسائل الشيعة ، ج ١٣ ، ص ٢١٤ ، الباب ١٨ من أبواب أحكام المزارعة ، ح ٣.