.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا على الاحتمال الثاني فلأنّه لا مجال للمعارضة فضلا عن التخصيص ، لوجود المرجّح ، وهو ثبوت حرمة الإسراف والتضييع بضرورة الدين وبالآيات الكثيرة والأخبار المتضافرة ، كقوله تعالى (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (١) و (أَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النّارِ) (٢) و (لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ) (٣) وغيرها (٤).
وكقول أبي عبد الله عليهالسلام فيما رواه ابن أبي يعفور عنه : «قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ما من نفقة أحبّ إلى الله عزوجل من نفقة قصد ، ويبغض الإسراف إلّا في الحجّ والعمرة» (٥). وعدّه من الكبائر في رواية العيون (٦).
ومن المعلوم أنّ النهي عن شراء الوقف ـ لو سلّم إطلاقه لصورة الخراب ـ قاصر عن معارضة الكتاب الصريح في حرمة الإسراف ومبغوضيته (*).
وبالجملة : إن المقتضي لحرمة تعطيل الوقف ـ حتى يتلف بنفسه ـ موجود ، لكونه تضييعا محرّما ، ومنافيا للحقوق المتعلقة بالعين الموقوفة. والمانع مفقود ، لما عرفت من قصور الدليل المانع من بيع الوقف عن شموله لفرض الخراب ، ولو سلّم شموله له لم يصلح للمعارضة مع ما هو قطعي الدلالة والسند.
__________________
(*) هذا بناء على كون تضييع المال وإفساده وتبذيره من المفاهيم الملقاة إلى العرف وإمكان تخصيص عموم النهي عنه ، فيكون مثل الأمر بإتلاف آلات اللهو تضييعا
__________________
(١) الأنعام ، الآية ١٤١ والأعراف ، الآية ٣١.
(٢) الغافر ، الآية ٤٣.
(٣) الإسراء ، الآية ٢٦ و ٢٧.
(٤) راجع عوائد الأيام ، ص ٦١٥ و ٦١٦.
(٥) وسائل الشيعة ، ج ٨ ، ص ١٠٧ ، الباب ٥٥ من أبواب وجوب الحج ، ح ١ ، وص ٣٠٥ ، الباب ٣٥ من أبواب آداب السفر الى الحج ، ح ١.
(٦) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ، ج ٢ ، ص ١٢٧ ، وسائل الشيعة ، ج ١١ ، ص ٢٦١ ، الباب ٤٦ من أبواب جهاد النفس ، ح ٣٣.