أو أنّهم لا يتمكّنون من السير المحدود ، فسلب الله تعالى قدرتهم من السير أكثر ، لمرض أو غيره من حوادث الجو أو الأرض.
أو ضيّق عليهم زمان السير ، فكانوا ينامون أكثر اليوم ثمّ يسيرون في متاهات الأرض في زمان محدود خاصّ.
ويمكن أن يقال : إنّ جميع هذه الاحتمالات موجودة فيهم حسب الإيمان به عزوجل والتقرّب لديه تعالى ، فدارت الأرض على بعضهم وتاه آخرون فيها ، وأنهك بعضهم المرض من السير ، أو ضيّق عليهم الزمان ، إلى غير ذلك من الأمور التي يمكن أن تحتمل فيهم.
وأمر بني إسرائيل في زمان حياة موسى عليهالسلام لم يكن عاديا ، بل إنّ المعجزات وخوارق العادة كانت حافة بحياتهم وسارية في مجتمعاتهم.
وفي تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليهالسلام : «انّه سئل عن قول الله (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) ، قال عليهالسلام : كتبها لهم ثمّ محاها ، ثمّ كتبها لأبنائهم فدخلوها ، والله يمحو ما يشاء ويثبت وعنده امّ الكتاب».
أقول : ظاهر الرواية البداء في حقّهم ، فكتب لهم الدخول ثمّ حرّمه تعالى عليهم. ولكنّ سياق الآية المباركة لا يدلّ على ذلك ، لأنّ حرمة دخولهم فيها أربعين سنة كانت من الآثار الوضعيّة لأعمالهم ، ولذلك دخلها أحفادهم بعد ما تركوا تلك الأعمال وأصلحوا أنفسهم ، إلّا أن يراد من البداء غير معناها المصطلح.
وفي تفسير العياشي بإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) قال عليهالسلام : «كتبها لهم ثمّ محاها».
أقول : إنّ المحو كان نتيجة أعمالهم ومن آثارها ، وكان مؤقتا.
وعن الصادق عليهالسلام في رواية أبي بصير : «انّ بني إسرائيل قال لهم : ادخلوا الأرض المقدّسة ، فلم يدخلوها حتّى حرّمها عليهم وعلى أبنائهم ، وإنّما دخلها أبناء الأبناء».