الحمى فحقيق أن يقع فيه» ، وغيره من الروايات قال الله تعالى : (فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٣٥].
وقيل : إنّها صفة راسخة في النفس توجب الاجتناب عن المأثم والمشتبهات ، وهذا التعريف يرجع إلى الأوّل ، وإنّما الاختلاف في التعبير.
وقيل : هي الامتناع عن الرديء باجتناب ما يدعو إليه الهوى ، وهذا أعمّ ممّا تقدّم.
وكيف كان ، فإنّه لا يمكن تحقيق التقوى إلّا بترك المشتبهات ، فضلا عن المحرّمات ، ففي رواية يونس عن الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) : «أرشدنا للزوم الطريق المؤدّي إلى محبّتك والمبلغ إلى جنّتك من أن نتبع أهواءنا فنعطب ، ونأخذ بآرائنا فنهلك ، فإنّ من اتّبع هواه وأعجب برأيه كان كرجل سمعت غناء الناس تعظّمه وتصفه ، فأحببت لقائه من حيث لا يعرفني ، لأنظر مقداره ومحلّه ، فرأيته في موضع قد أحدقوا به جماعة من غثاء العامّة ، فوقفت منتبذا عنهم متغشّيا بلثام ، انظر إليه وإليهم ، فما زال يراوغهم حتّى خالف طريقهم وفارقهم ، ولم يقر ، فتفرّقت جماعة العامّة عنه لحوائجهم ، وتبعته أقتفي أثره ، فلم يلبث أن مرّ بخباز فتغفّله فأخذ من دكانه رغيفا مسارقة ، فتعجّبت منه ، ثمّ قلت في نفسي : لعلّه معاملة ، ثمّ مرّ بعده بصاحب رمّان ، فما زال به حتّى تغفّله فأخذ من عنده رمانتين مسارقة ، فتعجّبت منه ثمّ قلت في نفسي : لعلّه معاملة ، ثمّ أقول : وما حاجته إذا إلى المسارقة ، ثمّ لم أزل اتّبعه حتّى مرّ بمريض فوضع الرغيفين والرمّانتين بين يديه ومضى ، وتبعته حتّى استقرّ في بقعة من صحراء ، فقلت له : يا عبد الله لقد لحقت بك وأحببت لقاءك فلقيتك ، لكنّي رأيت منك ما شغل قلبي ، وإنّي سائلك عنه ليزول به شغل قلبي ، قال : ما هو؟ قلت : رأيتك مررت بخباز وسرقت منه رغيفين ثمّ بصاحب الرمّان فسرقت منه رمّانتين ، فقال لي : قبل كلّ شيء حدّثني من أنت؟ قلت : رجل من ولد آدم من أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، قال : حدّثني ممّن أنت؟ قلت : رجل من أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : أين بلدك؟ قلت :