من الوجه ولا من الرأس ، قال : وذكر المسح فقال : امسح على مقدّم رأسك وامسح على القدمين وابدأه بالشقّ الأيمن».
أقول : الأذنان من الرأس في الإحرام ، وأما في الوضوء فليستا من الرأس ، بل هو منبت الشعر فقط وهو مع الأذنين رأس الصائم ، وفي الغسل مع الرقبة ، كلّ ذلك لأجل دليل خاصّ ، وإلّا فمقتضى اللغة لا تكونان منه ، وكذلك أنّهما ليستا ، من الوجه فلا يجب غسلهما ولا مسحهما ، وذيل الرواية يدلّ على الترتيب مقدّما الرجل اليمنى على اليسرى.
وفي تفسير العياشي عن زرارة بن أعين وأبي حنيفة ، عن أبي بكر ابن حرم قال : «توضّأ رجل فمسح على خفّيه فدخل المسجد ، فصلّى ، فجاء علي عليهالسلام فوطئ على رقبته فقال : ويلك تصلّي على غير وضوء؟ فقال : أمرني عمر بن الخطاب ، فأخذ بيده فانتهى به إليه فقال : انظر ما يروي هذا عليك؟ ورفع صوته فقال : نعم أنا أمرته أنّ رسول الله مسح ، قال : قبل المائدة أو بعدها؟ قال : لا أدري ، قال : فلم تفتي وأنت لا تدري؟ سبق الكتاب الخفّين».
أقول : يعتبر في المسح المماسة ، ولا يجوز المسح على الحائل ، خفّا كان أو غيره ، والظاهر من هذه الرواية أنّ المسح على الخفّين شاع في عصر الخليفة الثاني ، وبعد نزول آية الوضوء على رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه لم يمسح على الخفّين أصلا ، بل وقبله أيضا ، وذلك متّفق عليه ، ولأجل ذلك كان المسح على الخفّين في زمن عمر محلّ خلاف شديد بين المسلمين ، والشاهد على ذلك ما رواه الكافي بإسناده الصحيح عن زرارة قال : «قلت لأبي جعفر عليهالسلام : في المسح على الخفّين تقيّة؟ فقال عليهالسلام : ثلاث لا أتقي فيهنّ أحدا : شرب المسكر ، والمسح على الخفّين ، ومتعة الحجّ» ، فيستفاد منها أنّ استنكار المسح على الخفّين ممّا ذهب إليه أغلب المسلمين في زمن الخليفة الثاني كاستنكار شرب المسكر ، فلا مجال للتقيّة فيهما ، كما لا مجال لها في متعة الحجّ.