ومن هنا لو استلزم المسح على الخفّين في مورد قتل نفس محترمة أو إهانتها أو غيرهما ، تجري التقيّة بلا شكّ ، لقاعدة تقديم الأهمّ على المهمّ.
وما قيل : إنّه ورد عن طرق العامّة أن جمعا : كبراء وبلال ، وحرير ، وغيرهم ـ رأوا رسول الله صلىاللهعليهوآله يمسح على الخفّين.
مردود ، أمّا أولا : فإنّه تنافيه الروايات البيانيّة التي صدرت عن المعصومين عليهمالسلام كما تقدّم بعضها ، بل وغيرها كما ذكرها السيوطي في الدرّ المنثور وغيره.
وثانيا : محمول على مورد خاصّ وفرد نادر لأجل مصالح خاصّة مسح على الخفّين ، فانتهى أمد الحكم برفعها.
وكيف كان ، فإنّه بعد نزول الآية المباركة لا يبقى مجالا للمسح على الخفّين ، لأنّها تثبت المسح إلى الكعبين ، والخفّ ليس من القدم بالوجدان ، فاستنكار علي عليهالسلام في محلّه.
وفي تفسير العياشي بإسناده عن الحسن بن زيد ، عن جعفر بن محمد عليهماالسلام أنّ عليا عليهالسلام خالف القوم في المسح على الخفّين على عهد عمر بن الخطاب ، قالوا : رأينا النبي صلىاللهعليهوآله يمسح على الخفّين. فقال على عليهالسلام : قبل نزول المائدة أو بعدها؟ فقالوا : لا ندري ، قال : ولكن أدري أنّ النبي صلىاللهعليهوآله ترك المسح على الخفّين حين نزلت المائدة ، ولأنّ أمسح على ظهر حمار أحبّ إليّ من أن أمسح على الخفّين ، وتلا هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ـ إلى قوله تعالى ـ (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)».
أقول : الرواية تدلّ على ما تقدّم ، والتنزيل إنّما هو في عدم الأثر.
وفيه أيضا عن محمد بن أحمد الخراساني قال : «أتي أمير المؤمنين عليهالسلام رجل فسأله عن المسح على الخفّين ، فأطرق في الأرض مليا ثمّ رجع رأسه فقال : إنّ الله تبارك وتعالى أمر عباده بالطهارة وقسّمها على الجوارح ، فجعل للوجه منه نصيبا ،