للصلاة ، فإذا انتفت انتفى المشروط.
ومن الإجماع ما هو ضروري بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم ، بل وآرائهم المتشتّتة.
وممّا ذكرنا يمكن استفادة قاعدة كلّية ، وهي : «كلّ صلاة لا تصحّ إلّا مع الطهارة» ، عدا صلاة الميت وفاقد الطهورين.
ولا فرق في الطهارة المبيحة للصلاة بين مناشئها كالوضوء والتيمّم ـ إن حصل مسوّغاته ـ وغسل الجنابة لا مطلق الغسل المندوب وغيره ، على ما ذهب إليه المشهور ، ومن فقهائنا (رضوان الله عليهم أجمعين) وهو المؤيّد المنصور.
الثاني : يستفاد من الآية المباركة اعتبار النيّة في الوضوء ، والصلاة ، لقوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ) ، وقوله تعالى : (فَاغْسِلُوا) ، وقوله تعالى : (فَاطَّهَّرُوا) ، وغيرها من الأفعال المتقوّمة بالقصد والإرادة ، فلا تصحّ طهارة الساهي وصلاته ، وكذا الغافل ، بل كلّ صلاة فاقدة للنيّة ، أو كلّ عبادة إذا لم يتحقّق فيها النيّة وقصد التقرّب إليه تعالى ، محكومة بالفساد.
الثالث : كفاية وضوء واحد ـ أو طهارة واحدة ـ لصلوات متعدّدة أو كلّ ما يشترط فيه الطهارة ، وكذا غسل واحد وإن تعدّدت الأسباب ، كتعدّد الجماع وغيره ، لإطلاق الآية الشريفة وكثير من الروايات ، ونصوص خاصّة ، منها : قوله عليهالسلام : «إذا اجتمع عليك من الله حقوق ، يكفيك غسل واحد» ، ويعبّر عن ذلك بقاعدة : «التداخل» ، وهي وإن كانت خلاف الأصل ، ولكنّها في الطهارات متّفق عليها ، لما تقدّم ، والتعدّي عنها يحتاج إلى دليل.
ثمّ إنّ ظاهر الآية الشريفة تعميم الحكم لمطلق المكلّفين ـ المحدثين وغيرهم ـ أي : كلّ من قام إلى الصلاة ، ولكن خصّ ذلك بالمحدثين ، لما تقدّم من الروايات. نعم ورد في بعض الروايات : «الوضوء على الوضوء نور على نور» ، الظاهر منه الاستحباب ، فإنّ في كلّ وضوء تقرّبا إليه تعالى ، ولا يجري ذلك في غيره من ذوات الأسباب ، كغسل الجنابة وغيرها ، فتأمّل والله العالم.