الرابع : مقتضى الأصل في الطهارات الغسل بالماء مع الشرائط ، إلّا ما دلّ دليل على بدليّة التراب ، حدثا كان أو خبثا ، ومستند هذا الأصل الآية الشريفة ، والسنن المعصوميّة ، وسيأتي في قوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) ما يتعلّق به.
الخامس : يستفاد من هذه الآية الكريمة وغيرها من آيات الأحكام قاعدة كلّية ، وهي : «إتيان المكلّف العمل العباديّ مباشرة مع تمكّنه ، إلّا ما خرج بالدليل» ، ويدلّ عليها قوله تعالى : (وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) ، ومن السنّة الشريفة روايات مذكورة في الأبواب المتفرّقة.
ويمكن إقامة الدليل العقليّ عليها ، فإنّ التكليف ـ أو المسؤولية المتوجّهة إلى الشخص ـ لا يسقط إلّا بقيامه بالعمل بنفسه ، ولو أتى به غيره فمقتضى الأصل بقائه وعدم سقوطه ، والفطرة المستقيمة تدلّ على ذلك أيضا. وأما الاستعانة في مقدّمات العمل العباديّ كصبّ الماء في الغسل ، فيجوز ـ حتّى ورد ذلك في غسل الميت ـ ولكن في خصوص الوضوء تكره فيه ، للنصّ المحمول عليها.
السادس : ظاهر الآية الشريفة يدلّ على إيصال الماء إلى جميع محال الوضوء أو الغسل برفع الموانع عنها ، لأنّ التعبير فيها بالغسل دون الصبّ أو الجري ، ولعلّ ما ورد في السنّة من وجوب إيصال الماء إلى جميع محالّ الوضوء أو الغسل ، مأخوذ من الآية المباركة. نعم هناك موارد خاصّة لا يضرّ الحجب ، لأدلّة خاصّة مذكورة في الفقه يعبّر عنها بالجبيرة.
كما أنّ المستفاد من إطلاق المسح في الآية المباركة بالرأس والرجل ، المسح على بعضهما ، لمكان الباء ، وجواز النكس في مسح الرأس ، بل إطلاقها يدلّ على جواز المسح بماء مستأنف ومطلق الرطوبة ، كما في التيمّم ، حيث لا حاجة فيه إلى العلوق ـ إلّا أنّ الروايات البيانيّة وغيرها قيّدت ذلك ببقيّة بلل الكفّ من الوضوء.
السابع : الآية المباركة تدلّ على وجوب الترتيب بالنيّة مقارنا لغسل الوجه