التصفية ، واستخفّت الروح ورفع الحجاب ، فحينئذ (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) ، وقبل ذلك كلّه (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ، التي توجّهتم بها إلى الأغيار ودنوتم بها إلى الشيطان ، بماء التوبة والاستغفار ، (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) ، فاغسلوا أيديكم عن الدنيا كلّها حتّى عن الصديق الموافق والرفيق المرافق ، وفي الأثر : «انّ المؤمن إذا توضأ للصلاة تباعدت عنه الشياطين خوفا منه». وتوجّهوا إلى بارئكم ، وخالقكم ، ورازقكم ، (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) ببذل نفوسكم وفنائها حتّى تشرق عليها شوارق الأنوار ، (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) اغسلوا أرجلكم عن تراب الأنانيّة وطين الشهوة إلى أن يحصل لكم شرف حضور القلب بكعب مقام الخلّة ، (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً) بالالتفات والتوجّه إلى الحجب الماديّة بالسير في الملذّات النفسانيّة ، (فَاطَّهَّرُوا) النفوس عن المعاصي ، والقلوب عن رؤية الأغيار ، بذلّ العبوديّة لله تعالى ومخالفة الهوى ، ففي الأثر : «انّ سلمان الفارسي سافر في زيارة بعض الأصحاب من العراق إلى الشام راجلا وعليه كساء غليظ غير مضموم ، فقيل له : أشهرت نفسك؟ فقال : الخير خير الآخرة ، وإنّما أنا عبد ألبس كما يلبس العبد ، فإذا اعتقت لبست حلّة لا تبلى حواشيها» ، فلا بدّ بطهارة الأرواح عن الاسترواح من غيره ، (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) بمرض حبّ الدنيا وطلب الجاه ، والنيل إلى المقام (أَوْ عَلى سَفَرٍ) في متابعة الهوى والسير في زوايا الأوهام بالاستيناس مع الأغيار ، (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) في قضاء حاجة مادّية وشهوة شيطانيّة ، (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) بتحصيل لذّة من اللذّات بالبيع من الأشباح أو شراء ما يوجب الاستيناس بغيره جلّ وعلا ، (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) للطهارة عن الأدناس بالبعد عن الحقائق ، ولم يهدكم أحد إلى التوبة والاستغفار من ضعف نفوسكم ، (فَتَيَمَّمُوا) بالتمعّك في تراب أقدام الأنبياء ، فإنّه طهور للذنوب العظام وسبيل للدخول في نعم الرحمن ، فإنّ الجنّة تجرّ أهلها ، قال صلىاللهعليهوآله : «عجب ربّك من قوم يساقون إلى الجنّة بالسلاسل» ، فلا تيئسوا من رحمته وفيوضاته ، (صَعِيداً طَيِّباً) فإنّ إخلاصهم لله