ومن يوثق بقوله ، وموضوع هذا الحكم في الوسائط هو تصديق العادل ومن يوثق بقوله أيضا ، فكأنه قيل يجب على الشيخ تصديق المفيد في تصديق المفيد للصدوق مثلا قدس سرّهم ، وهكذا إلى أن ينتهي إلى الخبر بلا واسطة ، والمفروض أن هذا الموضوع بثبت بنفس هذا الحكم إذ لا أثر له قبله ، فيلزم إثبات الموضوع بالحكم ، لأن الموضوع لا بد وأن يكون محرزا إما بالوجدان أو بالتعبّد ، والأول منفي في الوسائط فيتعين الثاني ، فيلزم المحذور غير المعقول ، لأن الحكم عرض بالنسبة إلى الموضوع ، فلا يمكن أن يكون موجدا له.
الثالث : أن تصديق العدول من الوسائط ليس علميا وجدانيا ، بل هو تنزيل شرعي ، والتنزيلات الشرعية لا بد وأن تكون بلحاظ الأثر الشرعي ، وليس في البين أثر شرعي في الوسائط إلّا نفس وجوب تصديق العادل ، فيلزم أن يكون التنزيل بلحاظ نفسه ، وهو باطل.
نعم خبر أول الوسائط وجداني لا يحتاج إلى التنزيل ، كما أن إخبار آخر الوسائط المنتهى إلى المعصوم عليهالسلام له أثر شرعي غير وجوب التصديق ، وهو حكم الإمام عليهالسلام. ويمكن تقرير الإشكال بوجه آخر ، كما لا يخفى على من راجع كلمات العلماء.
والجواب عن الجميع :
أولا : أنه لا جعل من الشارع في البين رأسا ، والآيات والروايات الواردة في المقام إرشاد إلى مرتكزات العقلاء من اعتبار الخبر الموثوق به ، ولا يفرّق العقلاء بين الإخبار بلا واسطة أو معها مع وثوق الوسائط.
وثانيا : على فرض الجعل ليس المجعول هو الحكم التكليفي أي وجوب التصديق ، بل هو نفس الاعتبار والطريقية المحضة ، وهي شاملة لجميع الوسائط مطلقا ولو لم يكن لها بالفعل أثر شرعي.
نعم لا بد من انتهاء الجميع إلى الأثر الشرعي ولو بألف واسطة ، وهو