والآخر : من جهة وجود المانع عنه.
أما الوجه الأول : فمقتضى الاصول الموضوعية ـ من أصالة حجية الرأي في حدّ نفسه ، وصحة الاعتذار به ، وأصالة بقاء الوظيفة الظاهرية التي استفادها من الأدلة ، وأصالة بقاء حكمة الاعتبار من غلبة الإصابة أو تسهيل الأمر على الأنام ـ صحة تقليد الميت ابتداء والبقاء عليه استمرارا ، مضافا إلى الإطلاقات والعمومات كما تقدم من الآيات والأخبار ، وتقتضيه السيرة في الجملة أيضا ، لاستقرارها على الرجوع إلى آراء الأموات ابتداء وبقاء في كل علم وفن وصنعة.
واشكل عليه .. تارة : بأصالة عدم الحجية في مشكوكها.
وفيه : أنها من الأصل الحكمي ، والأصل الموضوعي مقدّم عليه. كما ستعرف ، مع أنها محكومة بالسيرة والإطلاقات والعمومات.
واخرى : بزوال الرأي بالموت.
وفيه : أن الحياة منشأ حدوث الراي لا بقائه ، ولا يدور مدار بقاء الحياة أبدا ، لوجود آراء الأموات من العلماء عندنا خلفا عن سلف ويحتجون بها في جميع العلوم والفنون ، كوجود كلماتهم عندنا. فما الفرق بين حجية ظواهر كلماتهم وحجية آرائهم حتى تصح الاولى دون الثانية؟
وثالثة : باحتمال كشف الخلاف بالموت.
وفيه : مضافا إلى أنه من مجرد الاحتمال الذي لا يمنع عن جريان الأصل إن كشف الخلاف ، وإنما يضر إذا كان بالطرق المألوفة الاجتهادية لا بغيرها.
ورابعة : بأنه لا يقين بالحكم السابق حتى يستصحب.
وفيه : أنه لا يحتاج اليقين بالحكم في مجرى الاستصحاب ، بل يكفي اليقين بالوظيفة الظاهرية وصحة الاعتذار.
وأما الوجه الثاني ـ وهو وجود المانع ـ فالظاهر أنه منحصر بدعوى الإجماع ..