العقاب بلا بيان عقلا والبراءة شرعا ، وليس المقام منهما ، ومع فرض كونه من أحدهما فصحة النتيجة متوقفة على تمامية باقي مقدمات الانسداد ، لأنه حينئذ يصير من إحدى مقدماتها كما لا يخفى. ويأتي عدم تمامية دليل الانسداد.
وإن كان المراد به الضرر الدنيوي. فيرد عليه.
أولا : أن تبعية الأحكام مطلقا للمصالح والمفاسد الدنيوية تحتاج إلى دليل وهو مفقود على نحو الإطلاق والعموم ، وإن كان مما لا ينكر إجمالا.
وثانيا : كل ضرر دنيوي ليس بواجب الدفع مطلقا ، بل السيرة العقلانية على الخلاف ، فإن بناءهم على ملاحظة الجهات المرجحة ، فربما يتحمّلون الضرر لما يترتب عليه من المقاصد الصحيحة العقلائية التي يكون الضرر المتحمل بالنسبة إليها بحكم العدم.
نعم ، لو كان الضرر على نحو لا يغلبه شيء من الأغراض العقلائية ويكون غالبا على جميعها ، فلا ريب في وجوب دفعه حينئذ ، ولا دليل على كون المقام منها إن لم يكن على عدمه.
وثالثا : على فرض تحققه ، فما لم يدل دليل على أن الحكم الذي في مورده من الكبائر فهو مكفّر بالحسنات ، كما في الآيات مثل قوله تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) والروايات ، وهذا يجري في ما إذا كان الضرر المحتمل عقابا أيضا ، فلا يبقى موضوع لقاعدة دفع الضرر المحتمل في المقام أصلا.
ثانيها : أنه من البديهي وجود أحكام إلزامية في الشريعة المقدسة ومع عدم العلم بها تفصيلا وجب الاحتياط ، ومع تعسّره وجب الأخذ بالمظنون.
ثالثها : إنه بعد لزوم الأخذ بها في الجملة لو لم يؤخذ بالمظنون ، لزم ترجيح المرجوح على الراجح ، وهو قبيح ، فوجب الأخذ بالمظنون.
ويرد عليهما : أن كل واحد منهما مقدمة من مقدمات الانسداد الآتية ، ولا