الثالثة : للاعتقاد والجزم مراتب متفاوتة يكفي أدناها في تحقق الإسلام والإيمان ، لثبوت سيرة الأنبياء والأوصياء العظام (عليهم الصلاة والسلام) على الاكتفاء بذلك بالنسبة إلى السواد ، ولو لا ذلك لاختل النظام وتعطّلت الأحكام ، فمن أقرّ بالشهادتين يترتب عليه جميع أحكام الإسلام ، ومن لم يقرّ بهما لا يترتب عليه أحكامه ، سواء كان قاصرا أو مقصرا مطلقا.
وأما استحقاق العقوبة فمقتضى الأدلة ثبوته بالنسبة إلى المقصر الملتفت ، بل وغيره أيضا مع الانتهاء إلى الاختيار. وأما بالنسبة إلى القاصر فالله تعالى أعلم بما يفعل به ، وفي بعض الأخبار أنه تتم عليه الحجة في البرزخ ، وللقصور مراتب أيضا.
منها : ما إذا لم يكن للشخص استعداد فهم الامور.
ومنها : ما إذا كان له ذلك ولكن لم يلتفت إلى اختلاف الأديان أصلا.
ومنها : ما إذا التفت إليه ولكن قطعه بحسن طريقة الآباء والأجداد ، وعدم احتماله للخلاف يمنعه عن اتباع الحق. ولا ريب في وجود القسم الأول والأخير في الجملة ، وأما الثاني فالظاهر عدم تحققه خصوصا في هذه الأعصار ، وبذلك يمكن أن يجمع بين الأقوال والأخبار ، فما يظهر منها عدم وجوده أي القسم الثاني.
الرابعة : ما كان من الاعتقاديات يعتبر فيها تحصيل الجزم ، فلا وجه لاعتبار الظن فيها مطلقا ، لعدم كونه من الجزم أبدا ، وكذا ما يعتبر فيه الاعتقاد بالواقع على ما هو عليه ، لأن عقد القلب شيء غير الظن ، فلا مورد لاعتبار الظن في الاعتقاديات مطلقا.