وبينهما عموم من وجه ، وما لا يمكن الجعل فيه هو الأول دون الثاني ، ومع الشك يصح الجعل ، لأن موضوع الامتناع إحراز الذاتية الواقعية ، كما أن المراد بلوازم الذات التي لا يصح الجعل التأليفي فيها اللوازم للماهية والذات الواقعية دون اللوازم العقلائية للشيء ، فيصح فيها الجعل التأليفي بلا إشكال.
والظاهر أن استحقاق العقاب على المخالفة ولزوم الموافقة والعذر لدى القصور بالنسبة إلى القطع من القسم الثاني دون الأول ، فيصح فيها الجعل التأليفي تكوينا وتشريعا. ولو شك في أنها من القسم الأول أو الثاني يلحق بالأخير ، لعدم إحراز الذاتية الأولية.
الخامس : عن المحقق الخراساني قدسسره أن للحكم مراتبا أربع ..
الاقتضاء : ويعبّر عنه بالشأنية أيضا ، وهذه المرتبة عبارة عن المصالح
والمفاسد المقتضية لتشريع الحكم على طبقها.
والإنشاء : وهي عبارة عن مجرد الجعل والتشريع.
والفعلية : وهي عبارة عن وصوله إلى المكلف.
والتنجز : وهي عبارة عن استجماع المكلف لجميع شرائط التكليف وفقده لموانعه.
ويرد عليه .. أولا : أنه إن أراد الإطلاق الحقيقي ، فلا يطلق الحكم حقيقة على مرتبة الاقتضاء ، لأنه من التكوينيات ، ولا ريب في أن الحكم من المجعولات الاعتبارية. وإن أراد الأعم منه ومن المجازي ، فمبادئ الحكم من العلم بالصلاح ، والإرادة ، ونحوهما أيضا ، يصح إطلاق الحكم عليها مجازا ، فلا وجه للتخصيص بالأربع ، إلّا أن يريد بالاقتضاء المعنى الأعم الشامل لجميع ذلك كله.
وثانيا : أن التحقيق ـ كما يأتي إن شاء الله تعالى ـ في مورد الأمارات المعتبرة إنما هو جعل الحجية فقط دون الحكم ، فلا وجه لهذا التقسيم في مورد