عقولهم ، كما صرّح به علي عليهالسلام.
وتنحصر كبريات مورد الملازمة بالمعنى الذي قلناه في الامور الثلاثة وإن كانت صغرياتها غير محصورة.
إن قلت : إن الملازمة ولو بالمعنى الذي ذكر مبنية على التحسين والتقبيح العقليين ، وقد أنكرهما الأشاعرة. أما في فعله تعالى ، فلعموم مثل قوله تعالى : (اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) ، ولأنه مالك ، وللمالك أن يفعل في ملكه ما شاء وأراد. فلو عاقب المطيع وأثاب العاصي لم يرتكب قبيحا. وأما في أفعال العباد فلكونها غير اختيارية ، والحسن والقبح من شئون الأفعال الاختيارية.
قلت : أما عدم الحسن والقبح في أفعال العباد وعدم اختياريتها فمخالف للوجدان ، وقد مرّ في بحث اتحاد الطلب والإرادة بعض ما يتعلق به.
وأما عدم القبح في أفعاله تعالى فهو مسلّم عند الكل ، ودلت عليه الأدلة العقلية المضبوطة في الكتب الحكمية والكلامية من عدم صدور القبيح منه تعالى ، بل عدم صحة تجويزه عليه جلّ وعلا.
وأما عدم اتصاف أفعاله بالحسن ، وأن له تعالى أن يرجح المرجوح على الراجح ، فهو أيضا باطل بإجماع الأنبياء والمعصومين عليهمالسلام بل الموحدين كافة بل العقلاء ، إذ لا يرضى عاقل أن ينسب إلى الحكيم المطلق ما لا يكون حسنا ويكون لغوا ، والمراد بقوله تعالى : (يَفْعَلُ ما يَشاءُ) أي على حسب المصالح الواقعية التي تعجز العقول عن دركها ، وللمالك أن يفعل في ملكه ما يشاء إذا لم يكن سفها وعبثا وإلا فالعقلاء يلومونه مطلقا.
إن قلت : تصح الملازمة بالمعنى الذي قلت ، ولكن الأخبار الدالة على أنه لا بد من الرجوع إلى الحجة تبطل هذه الملازمة.
قلت .. أولا : إن المراد بها أعم من الحجة الظاهرية والباطنية.
وثانيا : المفروض تحقق التقرير من الحجة الظاهرية ، وإلّا لردع عنها بالخصوص في مثل هذا الأمر العقلائي العام البلوى الثابت في كل عصر وزمان.