العلم غير الظن ، واحتمال إرادة العلم الشرعي المتناول للظن على تقدير ظهوره يمكن القول به ، بل الظاهر أنّ الظن الشرعي لا ارتياب فيه ؛ إذ النجاسات غالبها ثابتة بالظن الشرعي عند المجتهد.
أمّا ما ينقل عن أبي الصلاح : من أنّ النجاسة تحصل بالظنّ مطلقاً (١). فالذي يقتضيه نظري القاصر أنّ مراده بالظنّ : الشرعي ؛ لأنّ المنقول في احتجاجه لما قاله بأنّ الشرعيات كلّها ظنية ، وأنّ العمل بالمرجوح مع قيام الراجح باطل (٢). ولا يخفى دلالة أوّل الدليل على ما ذكرناه ، وأمّا الثاني فهو قابل للردّ إلى الأوّل.
واحتمال إرادته كل ظن إذا كان في نفسه راجحاً فما قابلة مرجوح ، فلو حصل ظن النجاسة ترجحت وكانت الطهارة مرجوحة.
فيه : أنّ الطهارة لا تصير مرجوحة بمجرّد ظن النجاسة ، بل الطهارة إن كانت مستصحبة فظنها يساوي غيرها ، وكلامه في الرجحان.
اللهُمَّ إلاّ أنّ يقال : إنّ من جملة الصور المتناول لها إطلاقه ما لو كان ظن النجاسة أرجح عند المكلف من ذلك الاستصحاب للطهارة.
وفيه : أنّ كلامه كما سمعت في الظن الشرعي ، والاستصحاب إن فرض أنّه شرعي كما هو ظاهر مراده فالرجحان محلّ كلام ، إلاّ أنّ يكون دليل النجاسة أقوى ، وهذا حكم آخر.
ومن هنا يعلم أنّ ما أجاب به المتأخّرون (٣) عن حجّته من المنع من العمل بمطلق الظن شرعاً ، وثبوته في مواضع مخصوصة لدليل خاص
__________________
(١) حكاه عنه في المختلف ١ : ٣٢٢ ، وهو في الكافي في الفقه : ١٤٠.
(٢) حكاه عنه في المختلف ١ : ٣٢٢.
(٣) كالمحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ١٥٣.