وقد اعترض الوالد ١ على جواب العلاّمة عن الحجّة الأُخرى بأنّ محاولته إبداء الفارق يشعر بكونه جواباً على طريق التنزل والتسليم ، لا سيما بقرينة قوله : على أنّ القياس. فإنّه ارتقاء من الأدنى يعني تجويز القياس إلى منع العمل ، به واعتبار الفرق الذي ذكره يقتضي نفي القياس رأساً ؛ إذ ما من قياس إلاّ يتأتّى فيه هذا الفرق ، ولو حمل على جعله وجهاً لإبطال أصل القياس لم يبق لقوله « على » معنىً ، هذا (١). انتهى ملخصاً.
ولا يخفى وجاهته ، غير ان في نظري القاصر يمكن تكلّف الجواب بأنّ مراده أوّلاً بيان بطلان القياس على مذهب الخصم ، فلو رام دفع الجواب بأنّ الفرق بين الفرع والأصل لا يقتضي عدم صحة القياس يقال : إنّه عندنا باطل بالإجماع ، ويكون لفظة : عندنا ، دالاًّ على الإجماع ، والترقي من الأدنى إلى الأعلى ممكن بأنّ يقال : إنّ المراد ابطال القياس بوجهين : أدنى ، وهو لزوم عدم الفرق ، وأعلى وهو الإجماع ، ووجه كون الأوّل أدنى إمكان الدخل فيه بخلاف الثاني.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العلاّمة قال في الاحتجاج للطهارة : لنا : الإجماع من الإمامية على طهارته ، وخلاف ابن الجنيد غير معتدٍّ به ، فإنّ الشيخ ; لمّا ذكره في الفهرست وأثنى عليه قال : إلاّ أنّ أصحابنا تركوا خلافه لأنّه كان يقول بالقياس (٢). انتهى.
ولقائل أنّ يقول : العجب منه ; أوّلاً : أنّ الإجماع لا يشترط فيه جميع الأعصار ليحتاج إلى الطعن في ابن الجنيد ، وثانياً : أنّه لو كان معتمداً لما ضرّ على تقدير اعتبار الجميع لمعلومية النسب ، وثالثاً أنّه في إيضاح
__________________
(١) معلم الفقه : ٢١١.
(٢) المختلف ١ : ٣٠٤ ، وهو في الفهرست : ١٣٤ / ٥٩٠.