تعارضت الأخبار ، فالإطلاق باق على ما هو عليه.
وما عساه يقال : من أنّ الأخبار وإنّ تعارضت إلاّ أنّ تقيد الآية حاصل ، غاية الأمر أنّ التقييد بماذا هو؟ فهذا أمر آخر. فيدفعه أنّ الإجمال في المقيّد لا يخرج عن وصفه ما يخلص عن شوب الاحتمال والاحتمال قائم بالاستحباب ، والفرق بين الوضوء والغسل ، فليتأمّل.
وأمّا الأخبار التي ذكرها شيخنا أيّده الله ففيها نوع احتمال بإرادة المساواة في تسويغ التيمم ، على معنى أنّ التيمم يسوغ لكل ما ذكر على السواء وإنّ كان الظاهر خلاف ذلك ، ومقام التأييد واسع الباب ، وعليك بإنعام النظر في هذا المقام ، فإنّي لا أعلم أحداً حام حوله سوى ما نقلته.
والآن قد وجدت بعد ما خطر بالبال كلاماً مجملاً لمولانا المحقِّق أحمد الأردبيلي ١ وفيه إشارة إلى احتمال الوجوب التخييري (١) ، فالحمد لله على موافقة مثل هذا الماهر لما اختلج في الخاطر.
وإذا عرفت جميع ما ذكرناه فاعلم أنّه تبقى في خبر ابن مسلم نكتة ذكرها بعض محققي المتأخّرين ، وهي أنّ قوله : « هذا التيمم على ما كان فيه الغسل » يراد به الغسل بفتح الغين المعجمة أي غسل الوضوء (٢) ، والمراد أن التيمم المأمور به على ما فيه الغسل في الوضوء ، فيكون الواو في قوله : وفي الوضوء زائدة كما نبّه على ذلك قوله : « وألقى ما كان عليه مسح الرأس ». فإنّ هذا من أوضح الشواهد على وقوع التصحيف ومثله في الأخبار كثير.
وأمّا ما ذكره الشيخ في خبر داود ففيه ما قدمناه عند نقل كلام العلاّمة
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢٣١.
(٢) وهو الشيخ البهائي في الحبل المتين : ٨٧.