على اليقين لم يمكن العمل بشيء من الظنون الشرعية ، والحال أنّه لا يقول به ، بل كثيراً ما يعترض على الشيخ في الكتاب حيث ينقل عنه الاستدلال بمثل ما قاله : بأنّ اليقين يزول بما أعدّه الشارع ، فكيف هنا يستدلّ بضدّ ما أجاب عنه؟!.
على أنّ العبادة بعد وقوعها في الثوب الذي حصل فيه شيء من المذكورات (١) لا يعلم بقاؤها في الذمّة بيقين ، كما يصرح به العلاّمة في المختلف (٢) ، وسيأتي في موضع من الكتاب إنّ شاء الله.
اللهم إلاّ أنّ يقال : إنّ المكلف قبل الصلاة لا يسوغ له فعلها في الثوب المتصل بشيء من المذكور للدليل ، فإذا فعلت لم تكن مجزئة ، فلا تتحقق البراءة. وفيه ما لا يخفى.
والحق أنّ اعتبار اليقين لا وجه له.
وما ذكره العلاّمة أيضاً بعد نقل احتجاج الشيخ في المبسوط برواية أبي بصير السالفة من أنّها مخصوصة بغير الخشاف إجماعاً ، فتختصّ بما شاركه في العلّة وهو عدم كونه مأكولا (٣) غريب ، فإنّ العلّة غير منصوصة على تقدير ثبوت الإجماع ، والحال أنّ الخلاف أظهر من الشمس.
وأغرب من ذلك جوابه عن استدلال الشيخ أيضاً بأصالة الطهارة بأن الأصل يعارض بالاحتياط (٤) ، فإنّه قد تكلم في الكتاب على الشيخ في دليل الاحتياط بما لا يحصى كثرة.
وبالجملة فالاضطراب في كلام العلاّمة في هذا المقام وأشباهه يوجب زيادة التعجّب ، والله تعالى وليّ التوفيق.
__________________
(١) في « د » و « فض » : المذكور.
(٢) المختلف ٢ : ١٠٢.
(٣) المختلف ١ : ٢٩٩.
(٤) المختلف ١ : ٢٩٩.