فإن جاء صاحبه بعد ذلك ، لم يلزمه شيء ، فإن أراد أن يخيره بين أن يغرم له ، ويكون الأجر له ، واختار ذلك صاحب المال ، فعل ، وليس ذلك واجبا عليه (١).
إلا أنّ شيخنا يرجع عن هذا ، ويقول بما اخترناه ، في النهاية أيضا ، في باب آخر من فقه الحج ، قال : ومن وجد شيئا في الحرم ، فلا يجوز له أخذه ، فإن أخذه فليعرّفه سنة ، فإن جاء صاحبه ، وإلا تصدّق به عنه ، وكان ضامنا إذا جاء صاحبه ، ولم يرض بفعله ، وإذا وجد في غير الحرم ، فليعرفه سنة ، ثم هو كسبيل ماله ، يعمل به ما شاء ، إلا أنّه ضامن ، إذا جاء صاحبه ، هذا آخر كلام شيخنا في الباب المشار إليه (٢).
وهو الحق اليقين ، لأنّه مال الغير ، والرسول عليهالسلام قال : لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه (٣) ، وهذا ما طابت نفسه بالصدقة عنه.
وأمّا الذي يجده في غير الحرم ، فيلزمه أيضا تعريفه سنة ، فإن جاء صاحبه ، ردّ عليه ، وإن لم يجئ كان كسبيل ماله بعد السنة والتعريف فيها ، فيجوز له التصرف فيه بسائر أنواع التصرفات ، إلا أنّه يكون ضامنا له بقيمته بعد السنة ، متى جاء صاحبه ، وجب عليه ردّه عليه ، فإن تصدق به عنه ، لزمه أيضا ، أن يغرمه له ، متى جاء ، إلا أن يشاء صاحبه أن يكون له الأجر ، ويرضى بذلك ، فيحتسب له بذلك عند الله تعالى.
وجميع النماء المنفصل والمتصل بعد الحول في هذا الضرب يكون لمن وجدها ، دون صاحبها ، لأنّه بعد الحول صارت كسبيل ماله ، ولصاحبها قيمتها فحسب ، فهو في هذا الضرب بين خيرتين ، بين أن يتصدق بها بعد السنة وتعريفها ، ويكون ضامنا لقيمتها بعد الحول ، إذا جاء صاحبها ولم يرض بفعله ، وبين أن يجعلها كسبيل ماله ، ويضمن قيمتها لصاحبها بعد السنة والتعريف.
__________________
(١) النهاية : باب اللقطة والضالة.
(٢) النهاية : باب آخر من فقه الحج.
(٣) مستدرك الوسائل : كتاب الغصب ، الباب ١ ، ح ٥