وحكمهم حكم الأحرار المسلمين ، وإن لحقوا بعد مواليهم ، كان حكمهم حكم العبيد ، لا يخرجون من ملكة ساداتهم ، وفي الأول خرجوا باللحوق قبل السادة من ملكتهم ، ولو أسلم السادة بعدهم لم يعودوا إلى ملكتهم.
ومتى أغار المشركون على المسلمين ، فأخذوا منهم ذراريهم ، وعبيدهم ، وأموالهم ، ثم ظفر بهم المسلمون ، فأخذوا منهم ما كانوا أخذوه ، فإنّ أولادهم يردّون إليهم بعد أن يقيموا البيّنة ، ولا يسترقون بغير خلاف في ذلك.
فأمّا العبيد والأمتعة والأثاثات (١) ، قال شيخنا أبو جعفر في نهايته : يقومون في سهام المقاتلة ، ويعطي الإمام مواليهم أثمانهم من بيت المال (٢).
والذي تقتضيه أصول المذهب ، وتعضده الأدلة ، وافتي به ، أنّ ذلك إن قامت البيّنة به قبل القسمة ، ردّ على أصحابه بأعيانه ، ولا يغرم الإمام للمقاتلة عوضه شيئا ، وإن كان ذلك بعد قسمة الغنيمة على المقاتلة ، ردّ أيضا بأعيانه على أصحابه ، ورد الإمام قيمة ذلك للمقاتلة من بيت المال ، لا يجوز غير ذلك ، لأنّ المشركين لا يملكون أموال المسلمين ، وتملكه من أربابه يحتاج إلى دليل ، وقول الرسول عليهالسلام لا يحل مال امرء مسلم إلا عن طيب نفس منه (٣) ، والمسلم ، ما طابت نفسه بأخذ ماله.
وإلى ما اخترناه وحررناه يذهب شيخنا أبو جعفر في استبصاره (٤) فإنه قال بعد ما أورد أخبارا : والذي أعمل عليه ، أنّه أحق بعين ماله على كل حال (٥) ، وهذه الأخبار على ضرب من التقية ، ثم قال : والذي يدل على ذلك ، ما رواه
__________________
(١) ل : والأثاث.
(٢) النهاية : كتاب الجهاد ، باب قسمة ألفي.
(٣) مستدرك الوسائل : كتاب الغصب ، الباب ١ ، ح ٥.
(٤) الاستبصار : كتاب الجهاد ، الباب ٣ في أن المشركين يأخذون من مال المسلمين.
(٥) ل : وتحمل.