يتولى القضاء والأحكام بين الناس ، ومن ليس له ذلك.
والفرق بين الحكم والقضاء ، انّ الحكم ، هو إظهار ما يفصل به بين الخصمين قولا ، والقضاء إيقاع ما يوجبه الحكم فعلا.
وينبغي أن لا يتعرض للقضاء أحد ، حتى يثق من نفسه بالقيام به ، وليس يثق أحد بذلك من نفسه ، حتى يكون عاقلا كاملا عالما بالكتاب ، وناسخه ومنسوخه ، وعامه وخاصه ، وندبه وإيجابه ، ومحكمه ومتشابهه ، عارفا بالسنّة المقطوع بها ، وناسخها ومنسوخها ، وعامّها وخاصّها ، ومطلقها ومقيّدها ، ومجملها ومبيّنها ، عالما باللغة ، مضطلعا أي قيّما بمعاني كلام العرب ، بصيرا بوجوه الإعراب ، لأنّه مبين (١) عن صاحب الشريعة عليهالسلام ، فيجب أن يعرف لغته.
روي أنّ رقبة بن مصقلة ، قال لأبي حنيفة الفقيه : ما تقول في رجل ضرب طلته بمرقاق ، فقتلها؟ فقال أبو حنيفة : ما أدري ما تقول ، فقال له : أفتفتي ، ويحك في دين الله ، وأنت لا تعرف لغة نبيّه صلىاللهعليهوآله ، الطلة الحمأة ، والمرقاق الذي يسمّى الشوبك.
وقال أبو عمرو بن العلاء : الفقيه يحتاج إلى اللغة حاجة شديدة ، إلا الرواية.
وقال الأصمعي : سمعت حماد بن سلمة يقول : من لحن في حديثي ، فليس يحدّث عني.
وقال أبو داود الشيخي (٢) : سمعت الأصمعي يقول : إنّ أخوف ما أخاف على طالب العلم ، إذا لم يعرف النحو ، أن يدخل في جملة قول النبيّ صلىاللهعليهوآله : من كذّب عليّ فليتبوّأ مقعده من النار ، لأنّه لم يكن يلحن ، فمهما رويت عنه ، ولحنت فيه ، كذبت عليه.
وروي عن عمر بن الخطاب ، أنّه اجتاز بقوم يرمون ، فأساؤا الرمي ،
__________________
(١) ل : أمين.
(٢) ل : السحي.