وقع في البحر ، كم عسى أن يسبح ، إلا أنّ أبا قلابة رجل من التابعين ، لا يقدح خلافه في إجماع الصحابة ، وقد بيّنا أنّهم أجمعوا ، ولا يمتنع أن يكون امتناعه ، كان لأجل أنّه أحس من نفسه بالعجز ، لأنّه كان من أصحاب الحديث ، ولم يكن فقيها.
وهو من فروض الكفايات ، إذا قام به قوم سقط عن الباقين ، وقد روي عن النبيّ عليهالسلام أنّه قال : إن الله لا يقدّس امة ليس فيهم من يأخذ للضعيف حقه (١).
ولأنّه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقد روي كراهة تولّي القضاء ، والامتناع ، روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين ، قيل : يا رسول الله وما الذبح؟ قال : نار جهنم (٢) ، وروي عنه عليهالسلام ، أنّه قال : يؤتى بالقاضي العدل. يوم القيامة ، فمن شدة ما يلقاه من الحساب ، يود إن لم يكن قاضيا بين اثنين في تمرة (٣).
والوجه في الجمع بين هذه الأخبار ، انّ من كان من أهل العلم بالقضاء (٤) ، ويقضي بالحق ، فهو مثاب ، ومن كان من أهل العلم ، لكنّه لا يقضي بحق ، أو كان جاهلا ، لم يحلّ له أن يليه ، وكان مأثوما فيه.
والناس في القضاء على ثلاثة أضرب : من يجب عليه ، ومن يحرم عليه ، ومن يجوز له.
فأمّا من يجب عليه ، فكل من تعيّن ذلك فيه ، وهو إذا كان ثقة من أهل العلم ، لا يجد الإمام غيره.
فأمّا من يحرم عليه ، فأن كان جاهلا ، ثقة كان أو غير ثقة ، أو فاسقا من أهل العلم.
ومن يجوز له ولا يحرم عليه ، مثل أن يكون في المكان جماعة من أهل الفقه والعلم ، فللإمام أن يدعو واحدا عليه ، وقد بيّنا في كتاب الجهاد ، من له أن
__________________
(١) و (٣) مستدرك الوسائل : الباب ١٥ من أبواب آداب القاضي ، ص ٨ ـ ٩.
(٢) مستدرك الوسائل : الباب ٣ من أبواب صفات القاضي ، ح ٤.
(٤) ل : بالفتيا.