وحصول المال ، حتى يثبت زواله.
وإن كان سبب ثبوته من غير مال حصل في يديه ، كالمهر ، وأرش الجناية ، وإتلاف مال الغير ، ونحو ذلك ، نظرت ، فإن عرف له مال غير هذا ، كالميراث ، والغنيمة ، ونحو ذلك ، لم يقبل قوله أيضا في الإعسار ، لأنّ الأصل المال ، فإن أقام البينة بهلاك المال ، وأنّه معسر ، فالقول قوله بغير يمين ، لأنّ الظاهر ما قامت به البينة.
وأمّا إن كان سببه غير مال حصل في يديه ، ولم يعرف له مال أصلا ، فالقول قوله ، لأنّ الأصل أن لا مال له مع يمينه ، لجواز أن يكون له مال ، وقد قلنا أنّه ليس للحاكم أن يشفع إليه في الانظار ، ولكن يبثّ الحكم فيما بينهما بما ذكرناه ، وتقتضيه شرعة الإسلام.
وإن ظهر للحاكم أن المقرّ عبد ، أو محجور عليه لسفه ، أبطل إقراره ، وإن كان تبيّنه لذلك بعد دفعه ما أقرّ به إلى خصمه ، الزم الآخذ له ردّه ، ويقدّم بحفظه على المحجور عليه ، ويردّ ذلك على مولى العبد.
وإذا أقرّ الإنسان لغيره بمال عند حاكم ، فسأل المقرّ له الحاكم أن يثبت إقراره عنده ، قال شيخنا أبو جعفر في نهايته : لم يجز له ذلك ، إلا أن يكون عارفا بالمقرّ ، بعينه واسمه ونسبه ، أو يأتي المقرّ له ببينة عادلة ، على أنّ الذي أقرّ ، هو فلان بن فلان بعينه واسمه ونسبه ، لأنّه لا يأمن أن يكون نفسان قد تواطئا على انتحال اسم إنسان غائب ، واسم أبيه ، والانتساب إلى آبائه ، ليقرّ أحدهما لصاحبه بمال ليس له أصل ، فإذا أثبت الحاكم ذلك على غير بصيرة ، كان مخطئا مغررا (١).
وقال في مسائل خلافه : مسألة ، إذا حضر خصمان عند القاضي ، فادّعى أحدهما على الآخر مالا ، فأقرّ له بذلك ، فسأل المقرّ له القاضي ، أن يكتب له بذلك محضرا ، والقاضي لا يعرفهما ، ذكر بعض أصحابنا ، أنّه لا يجوز أن
__________________
(١) النهاية : كتاب القضايا والأحكام.