وصفه البائع له ، كان البيع ماضيا ، ولم يكن لأحدهما خيار ، وإن وجده على خلاف الصفة ، كان له ردّه ، وفسخ العقد ، أو أخذه ، وأخذ الأرش ، لا يجبر على واحد من الأمرين ، فإن هلك قبل قبضه ، انفسخ البيع ، ولا يلزم بايعه ببدله ، لأنّ البيع وقع على عين ، فإثباته ، وصحّته في غيرها يحتاج إلى دليل ، وليس هو في الذمة.
وليس من شرطه أيضا قبض الثمن قبل التفرق ، ولا ضرب الأجل المحروس من الزيادة والنقصان ، بل من شرطه ذكر الجنس والصفة ، بخلاف بيع العين المشاهدة المرئية.
فأمّا بيع الموصوف في الذمة ، فهو بيوع السلم ، بفتح السين واللام ، ويقال السلف ، فهو أن يسلم في شيء موصوف ، إلى أجل معلوم ، محروس من الزيادة والنقصان ، امّا بالسنين والأعوام ، أو الشهور والأيام. ويذكر الصفات المقصودة ، فهذا أيضا بيع صحيح ، بلا خلاف.
ومن شرط صحته ، قبض الثمن قبل التفرق من المجلس ، وذكر الجنس والصفة ، وضرب الأجل المحروس ، وإن لا ينسب إلى أصله ، لأنّه بيع في الذمة ، فإذا عيّن أن يكون من موضع معروف ، أو شجرة بعينها ، أو غزل امرأة معينة ، أو نتاج حيوان معين ، أو لبنه ، أو صوفه ، وشعره ووبره ، فقد خرج عن موضوعه المشروع ، وكان باطلا بغير خلاف.
ولا يصح أن يكون ثمنه دينا على المسلم إليه ، كان للمسلم فيه ، لأنّ ذلك يكون بيع دين بدين ، وقد نهى الرسول عليهالسلام عن بيع الدين بالدين (١).
فافترق هذا البيع ، أعني بيع الموصوف في الذمة ، من بيوع الأعيان ، وهما البيعان اللذان قدّمنا ذكرهما ، وهما بيع العين المشاهدة المرئية ، وبيع العين الغائبة الموصوفة ، لأنّ هذا أعني بيع السّلم ، للمشتري مطالبة البائع به ، على كل
__________________
(١) الوسائل : الباب ١٥ ، من أبواب الدين والقرض ، ح ١ ولفظ الحديث هكذا : لا يباع الدين بالدين.