إسقاط الذنب عند التوبة ، تفضل عندنا ، بخلاف ما يذهب إليه المعتزلة ، وقيل في التفسير ذكره شيخنا في التبيان ، وغيره من المفسّرين ، أنّ المراد بذلك ما كان في الجاهليّة من الربا بينهم ، فقال تعالى « فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى ، فَلَهُ ما سَلَفَ » فأمّا ما يجري بين المسلمين ، فيجب ردّه على صاحبه ، سواء كان جاهلا بحاله ، غير عالم بأنّه محرم ، أو كان عالما بذلك ، فإنّه يجب ردّ الربا على من أربى عليه في المسألتين جميعا (١).
فلا يظن ظان ولا يتوهم متوهم على شيخنا فيما قال ، غير ما حررناه.
ولا ربا بين الولد ووالده ، ولا بين العبد وسيده ، لأنّ مال العبد لسيده ، ولا بين الرجل وأهله ، المراد بأهله هاهنا امرأته ، دون قراباته من الأهل ، والدليل على أنّ المراد بأهله امرأته هاهنا ، قوله تعالى في قصة موسى ( وَسارَ بِأَهْلِهِ ) (٢) ولا خلاف أنّ المراد بذلك ، امرأته بنت شعيب ، لأنّه ما كان معه غيرها من قراباته.
ولا ربا أيضا بين المسلم وبين أهل الحرب ، لأنهم في الحقيقة في للمسلمين ، وانّما لا يتمكن منهم.
والربا يثبت بين المسلم وأهل الذمة ، كثبوته بينه وبين مسلم مثله ، وهذا هو الصحيح من أقوال أصحابنا ، وإليه يذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي في جميع كتبه.
وذهب بعض أصحابنا إلى أنّه لا ربا بين المسلم وأهل الذمة ، وجعلهم كالحربيين ، ذهب إلى ذلك شيخنا المفيد ، وابن بابويه ، وغيرهما.
والأول هو المعتمد ويعضده ظاهر التنزيل ، وهو قوله تعالى « أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا » فخرج من ذلك أهل الحرب ، بالإجماع المنعقد من أصحابنا ، وبقي من عداهم داخلا في عموم الآية ، فلا يجوز التخصيص للعموم ، إلا بأدلة موجبة للعلم ، قاطعة للأعذار ، فأمّا أهل الحرب ، فإنّا نأخذ منهم
__________________
(١) التبيان : ج ٢ في ذيل الآية ٢٧٥ من سورة البقرة.
(٢) القصص : ٢٩.